الفستان الأحمر!!
الكل يعلم أن اللون الأحمر يتميز بالجاذبية الغير العادية، وربما يكون الرداء المحبّب لبعض النساء في المناسبات الاجتماعية المتعددة، وهذا مختلف كلياً عن ذوق الرجال والذين يتحسسون من براقة اللون الطاغية، لذلك يفضّلون الألوان الهادئة نظراً لطبيعة الرجال، وخشونتهم في التعامل مع الكثير من العوائق والتي لا تحتاج للنعومة، والدبلوماسية الناعمة، بل تحتاج لشيء من الخشونة في إدارة الأمور، ولذلك تلجأ العديد من سيدات هذا الزمان المتغيّر، إلى ملاحقة مصمميّ الأزياء أينما يرتحلون للحصول على رداء نادر الوجود وربما يزلزل القلوب. ويعصف الأذهان من الوجود.
لذلك اختارت مفجّرة الحراك في ميدان تقسيم في تركيا تلك الفتاة الجميلة التي ظهرت على المواقع الالكترونية الرداء الأحمر المثير، لتقابل وابل خراطيم المياه الساخنة من قبل الدرك التركي، وشرطة المدينة، والذي من خلالها انبهروا من شدة عصامية تلك الفتاة التي لم تتزحزح من المكان، وبقي، فستانها الساحر سترة واقية من الغازات الخانقة، بينما تسارع العديد من الشبان المتظاهرين هرباً من شدة القوة المفرطة بحقهم.
ما شاهدناه في ميدان تقسيم بالدولة الصديقة تركيا يوحي بأننا أمام ثورة نرجسية ناعمة، وكأننا نصور مسلسل غرامي بين محب، ومحبوبة على غرار قصص العشق القديمة، كجميل وبثنية، وعنترة وعبلة، وأخيراً روميو وجوليت، وغيرها من قصص العشّاق، فتبادل المعتصمين شتى أنواع الوسائل الغرامية كتبادل القبل الساخنة، والتمتع بعطر الورود، والأحاديث الجانبية المليئة بالأشجان، وهوى الشباب الصغار المعطّر بالرّقي والتحضّر.
في الأردن أيضا مارسنا رومانسية خاصة فينا ووفق عاداتنا وتقاليدنا ولم تخرج عن المألوف، فتبادل المعتصمين والدرك الأردني الورود الحمراء كنوع من الودّ، والمحبة، بل بادر دركنا الأردني بتوزيع كاسات الماء، وعلب البيبسي في أجواء حارة أدرك من خلالها الأمن أن حناجر معتصمينا بحاجة ماسة للمرطبات لمقاومة الجفاف من شدة هول الشعارات الصاخبة، ومن هناك أطلق الأمنيون على انتشارهم بين المعتصمين وطريقة التعامل معهم بالأمن الناعم.
إذن اختار حزب الشعب التركي المعارض ثورة ناعمة ضد بناء المسجد في ميدان تقسيم، ففسح المجال أمام شبّانه وشاباته في اختيار ما يرونه مناسباً، في احتجاجاتهم، بدون وضع ضوابط وقواعد سلوك عامة تضبط حراكهم، أمّا في الأردن اختارت أحزاب المعارضة مدونات سلوك عامة تضبط أي خلل في حراكهم ولا سيّما في الاعتداء على الممتلكات أو تعطيل حرية الناس.