مستودعات الدوائر الحكومية وقيود وأصول معاملات المواطنين!!
ليس حسناً أن تبقى الكثير من مستودعات الدوائر الحكومية التي تُخزَّن فيها "قيود وأصول معاملات المواطنين بعد تنفيذها" غائبة في أغلب أعمِّ الحالات عن أنظار الرقابة.
وليس حسناً أن تكون محتوياتها من الوثائق والأوراق التي هي الأساس المعتمد والمرجع الأصليِّ الوحيد لمعاملات المواطنين وحقوقهم تحت إمْرَة موظفٍ واحدٍ يتمتع بصلاحيات واسعة دون حسيبٍ أو رقيبٍ، بحيث يُمْكِنه أن يتصرَّف بها حسب رؤيته ولِمَن يرغب بمنحه ما يشاء من أوراق دون حصوله على موافقة خطيِّة من مدير دائرته المباشر أو من الجهة المعنية بالأمر!.
وإذا كان من حق المواطن أن يحصل على صورةٍ أو نسخةٍ طبق الأصل لقيدٍ أو مستندٍ من مستودعات الدوائر الرسمية لإثبات حقٍّ له أو إتمام معاملة مَا تخصُّه بشَرطِ أن يقدم استدعاءً يُصار إلى توقيعه حسب الأصول ثم حفِظه في الملف، فإن ما يدعو للعجب غضّ طرف كثرة من القائمين على تلك المستودعات، وأخص بالذكر مستودعات دائرة الأراضي والمساحة بدوائرها التسجيلية المنتشرة في مواقع عديدة لهذا الشرط. بحيث أخذت القيود والأوراق الأصلية "أصول المعاملات" تُسرَّب للمعارف أو لسَماسِرة العقارات ومكاتب وشركات الإسكان دون إبقاء نسخٍ تكون مرجعاً عند حاجة المالِك الأصليّ لها. هذا العمل أدى ويؤدي في ظل غياب الرقابة والمساءلة في أغلب وأعمّ الحالات إلى إضاعة حقوق المواطنين أصحاب تلك القيود والوثائق. ويتحدث شهود عيان كيف تمَّ أمام أبصارهم تسريب لأصول معاملات وليسَ لنُسَخٍ عنها بمجرد إشارة أو إيماءَةٍ من مراجعين مُحدَّدين.
وفي السياق عينه، فإن ما يحزُّ في النفس هو إلقاء الأضابير والملفات بشكل عشوائي مباشرة على أرض تلك المستودعات، دون وضعها وتنظيمها على الرفوف أو في الخزائن لِتقيها من الرطوبة والتلف. والطّامة الكبرى تتبدى في عدم تثبيت ووضع القيود والأوراق في مكانها الصحيح وتثبيتها بإحكام داخل الأضابير والملفات بحيث تراها تتساقط هنا وهناك على الأرض بحيث يسهل أن تمتد إليها الأيدي فتعبث بها ثمَّ تُسرِّبها.
وإذ نتابع بأسفٍ استمرار عمليات الاحتيال التي تُستَخدم فيها أدقّ حِيَل التزوير لبيع عقارات بعض المواطنين الأبرياء وأراضيهم، ولا يعلمون بما وقع عليهم إلاّ بعد حينٍ من الزمن، فتبدأ رحلتهم المريرة لتصويب الوضع وتمتد لسنوات وقد لا تكون محصلتها فوزهم باسترداد حقوقهم، فإننا نستغرب من تمَكن الفئات المتخصصة بالاحتيال من القيام بتزوير كلِّ الأوراق والقيود والوثائق اللازمة بكافة مراحِلها لإنجاح عملياتهم. ومع تقديرنا لكل مسؤولٍ حريصٍ يتمكن بنباهته وخبرته من اكتشاف عمليات التزوير والتلاعب والاحتيال ويتخذ الإجراء اللازم الفوري مع الأجهزة الأمنية للقبض على الفاعلين، فإننا نرى ضرورة فتح الأعين والتأني والتحقق من كل معاملة حفاظاً على حقوق المواطنين الذين وضعوا ثقتهم في دوائرنا ومؤسساتنا الحكومية. كذلك رصد مستودعات القيود وكشف ما تسرَّب خلال السنوات القليلة الماضية من قيود أصلية لا يعلم أصحابها بعد ما وقع عليهم! بالإضافة لضرورة تعيين موظف يتولى استلام الطلبات وآخرَ ينفذ مضمونها ضمن ضوابط وتعليمات مشددة لا تساهل فيها.
كاتب وباحث