دعوة إلى الاخاء والتآخي ونبذ العنف بين السنة والشيعة

تم نشره الإثنين 10 حزيران / يونيو 2013 10:40 مساءً
دعوة إلى الاخاء والتآخي ونبذ العنف بين السنة والشيعة
شفيق علقم

تنبهوا واستفيقوا ايها المسلمون ، فالاسلام فوق الطائفية المذهبية ، وفوق المصالح والسياسات ، وفوق المنافع والاستراتيجيات ، فلا يكن اختلاف المذاهب والطوائف بينكم سببا للصراع والاقتتال ، فالاسلام يحترم العقل الانساني ويقدر الفكر البشري ، ويجعل العقل والفكر المرتبطين بالعلم وسيلتين من وسائل التفاهم والاقناع ، ومصدرين من مصادر الاجتهاد والتشريع ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وثمة آيات كثيرة منها ما يقدر ويعلي مكانة العقل والفكر السوي المنتج للعلم ، ومنها ما يحث على الاخوة الاسلامية والتآخي والتحاب في الله والاخذ بهما ،( انما المؤمنون اخوة ) ، والاسلام لا يرغم احدا على اتباع فكر بعينه ، او مذهب بذاته ، ( وهديناه النجدين) ولا يكره انسانا على نظرية خاصة بالكون او الطبيعة او الانسان ، وحتى في قضايا الدين ، يقرر الاسلام ان ( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) ، وان وسيلته هي استخدام العقل والفكر ،والنظر والتدبر في مخلوقات الله وشؤون الحياة وتصريفها .

على ضوء ذلك ، فلابد من الوقوف على الخلاف الطائفي ،وبدعة التعصب المذهبي الذي بدأ ينهش بانيابه الحادة جسد المسلمين الواحد ، الذين وصفهم رسولهم بتوادهم وتراحمهم بذلك ،فقال - صلوات الله عليه وسلامه - ( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) لم يقل صلى الله عليه وسلم مثل السنة او الشيعة... انما قال المسلمين !!وقال جل شـأنه (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) ؛ وبذلك لا بد من تحصين وحماية اللحمة الدينية والفكرية والسياسية لامتنا الاسلامية ، وبخاصة على المستوى المذهبي الذي بات مصدرا للقلق والتوتر ، ولا بد هنا من ابراز الحقائق القرآنية التي تؤكد على اننا امة واحدة ، يجمعنا كتاب الله وسنة نبيه ، ومحبة آل البيت والصحابة اجمعين ، رضي الله عنهم ، فهذا السبيل هو الرابط الفكري والعقدي الذي يوحد الامة الاسلامية ، وعليها ان تعتصم به وتهتدي بهديه ، ولا بد من التأكيد في الناحية الاصولية والعقدية، وما هو ثابت ومتفق عليه لدى كبار فقهاء وعلماء الامة قديما وحديثا على ان الشيعة الامامية هم من المسلمين ؛ لانهم يؤمنون بالاصول التي يؤمن بها اهل السنة ، ولا خلاف بينهم في الايمان بالله والنبوة واليوم الآخر وهي الاساس ، وان الخلافات الفكرية بين المذاهب الاسلامية - وان كثرت - فما هي الا رحمة وقوة للاسلام والمسلمين ، وتوسعة لابواب الرأي والاجتهاد والفكر النير، ولكن دون شطط اومبالغة او مغالاة ؛ فاكثر اخواننا الشيعة لهم مذاهبهم المتعددة التي لا تخرج عن الكتاب والسنة ،وثمة منها ما غير ذلك ،هداهم الله ، فلا يؤاخذ الكل بخروج البعض ونكوصهم ، ولا يشد الاكثرية ويوحدها الا قوة الثوابت العقيدية الاسلامية ،وذلك لا يدعو إلى التناحر والصراع ،وتأزيم المواقف ، وشحن القلوب بالبغضاء والكراهية وتشتيت الامة ، فمن اهداف الاسلام الكبرى جمع القلوب وضم الصفوف لاقامة كيان موحد ،وابعاد عوامل الفرقة والتعصب والتناحر التي تجلب للامة الوهن والضعف والصراع ، ثم تؤدي بها إلى الفشل والهزيمة.

ان اسلامنا العظيم يدعو إلى شد الروابط الاخوية وتعاضدها وتآزرها ، وتقوية الصلات بين الافراد والمجتمعات الاسلامية لدعم كيانها ، ويدعو إلى تمتين هذه الروابط الادبية والدينية القابلة للنماء والبقاء والقوة ؛فهذه الروابط كانت ولا زالت اقوى من روابط الدم واللون واللغة والوطن والمصالح المادية وغيرها ، فهي التي تجعل المسلمين متماسكين معتصمين بحبل الله اقوياء بعقيدتهم ومبادئهم ، وتقيم منهم كيانا يستعصي على الفرقة ،وتنأى بهم عن التناحر والتنافر والبغضاء ، واول هذه الروابط الادبية هو رباط الايمان والتقوى ؛ فهو المحور الذي تلتقي عنده الجماعة المسلمة المؤمنة، وهو الذي يجعل من المسلمين المؤمنين اخوة اقوياء متحابين، واكثر قوة من روابط النسب والدم ( انما المؤمنون اخوة) ( المسلم اخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه) والمسلم قوة لاخيه المسلم( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا) ،وينهى الاسلام عن كل ما من شأنه ان يجلب الوهن والخور والضعف التي هي من اسباب الفرقة والتشتت للجماعة وللامة الاسلامية ، فالفرقة بالبدعة المذهبية هي طريق مفتوح للهزيمة والضعف ، ولم يؤت الاسلام في تاريخه الطويل من الضعف والتفكك اكثر مما اوتى عليه من اسباب الفرقة والتفرق التي ادت بالمسلمين إلى التنافر والتناحر والبغضاء في بعض الاحايين، وفي هذا الازمان يواجه عالمنا الاسلامي العديد من التحديات، ولعل من اهمها واخطرها ما يسمى بالصراع الطائفي المذهبي بين السنة والشيعة وتأزيمه ، فهو التهديد المباشر والاكيد المبشر بالضعف والتفكك والانحلال ، ولا شك ان الطائفية المذهبية الحديثة والدخيلة ، وغير المسبوقة على مجتمعاتنا الاسلامية ،والتي تغزو منطقتنا هذه الايام ،هي السلاح الاحد والاكثر مضاء للصهيونية والغرب بكافة؛ لتأجيج نار الفتنة ؛ ولتفتيت الاسلام والمسلمين ؛ مما يبتهج له هؤلاء ويطربون، ومما يزيد اشتعال نار الطائفية هذه الاصطفافات الطائفية والمذهبية وراء الاحداث في سوريا الحبيبة.

ان الصورة المنظورة تكاد تكون مرعبة للاسلام والمسلمين التي يزحف فيها المشروع الطائفي لعبور الحدود ، فما يحدث في العراق وسوريا ولبنان ،وربما المنطقة باسرها لاحقا ؛ما هو الا مخطط اولي لهذه الصورة الطائفية البغيضة ، ولعل الحصار الذي حدث في العراق للطائفية المذهبية التي اشتعلت نيرانها ،كان لاسباب تتعلق بالوعي الوطني هناك، وما هبة ونجدة اخواننا الشيعة لاخوانهم السنة في مدينة الفلوجة اثناء المذبحة التي تعرضت لها على ايدي القوات الامريكية الا خير دليل على صفاء القلوب وعلى الوحدة الاسلامية والمحبة ولتآخي؛ حيث هرع الشيعة للمدينة الذبيحة لنجدة اخوانهم السنة وتقديم المساعادات والتبرع بالدم والدفاع عن المدينة،الذي نتمنى تعميمه، لكن الصراع في سوريا - ومع الاسف الشديد - اخذ ينحو إلى الامتداد خارجها ،وقد يأتي على المنطقة كلها ويدمرها ، وهو ما لا تحمد عقباه ، واذا ما استمر تعميق الطائفية واجتيازها الحدود الوطنية كالذي يحدث في سوريا من تدخل مباشر، كما حدث في القصير بدعاوى واسباب واهية لنصرة النظام او الدفاع عن المراقد المقدسة ، والتقوي بسلاح الاجنبي ، فذاك انذار بحرب اقليمية طائفية لا تبقي ولا تذر، وهو ما يسحق المشروع الاسلامي والوطني ،ويمزق الامة والمنطقة شر ممزق، وهو ما تغذيه الصهيوينة واميركا وروسيا وحلفاؤهم بامداد الاطراف بشتى انواع السلاح؛ ليقتتل المسلمون وتضعف شوكتهم وتستباح ديارهم للشرق والغرب ، وقد نجح هؤلاء بفتح باب الصراع الطائفي بين السنة والشيعة على مصراعيه ،الذي لا يغلقه الا الاستفاقة والتنبه إلى الخطر الداهم ،والتمسك بروابط العقيدة الاسلامية ،والاخاء والتاخي بين السنة والشيعة ؛ فليس ثمة نظام يستحق بقاؤه على اشلاء الاسلام والمسلمين ، وليست ثمة مصالح تستحق ان تجنى على انقاض تدمير الامة الاسلامية ، فالاسلام باركانه وتعاليمه ومبادئه العالية ومقدساته ، لا يستحق من ابنائه التنابذ والتناحر والفرقة ؛ فهو دين الاخاء والمحبة والتآخي ،ولتخسأ بعض الجهات المحسوبة على الاسلام والمسلمين والذين وراءهم ،اولئك الذين يسعون إلى تعميق الصراع المذهبي ودفعه إلى حالاته القصوى ،وشد العصب المذهبي، واستقطاب مجموعات مشبوهة من كافة المناطق، ودق اسافين الفتنة والبغضاء بين ابناء الدين الواحد، لتحقيق مصالح ومكاسب سياسية، مما يعكس ضعفا وخسة في نفوسهم ،ونذالة وانحلالا للساعين إلى تفريق الامة الاسلامية، وذلك بتحريك المشاعر الدينية والطائفية في سبيل الوصول إلى اهدافهم وغاياتهم، وتحقيق مآربهم ،فهل يوقف العقلاء والغيورون على مستقبل الامة الاسلامية الاقتتال الدائر في انحاء سوريا الجميلة ؟؟ وهل يمكن ان تكون معركة القصير وما يدور حولها من قتال دامي بداية النهاية للصراع الطائفي المذهبي البغيض؟؟!!.

ان المستفيدين من اشعال هذه النيران وتأجيجها ، سواء هم في المنطقة نفسها او في الشرق او في الغرب او مستفيدين آخرين ؛ لا يفتأون يؤججوا هذا الصراع ،وهم لا يخشون من ذلك شيئا او يخسرونه ، ولا يأسفون على ارواح المسلمين اذا ما اقتتلوا ، ولا يهمهم في المنطقة الا تهديد مصالحهم النفطية والاستراتيجية ، وتجريب اسلحتهم الحديثة لقتل المسلمين وبيعها للشيطان ، وتهديد أمن اصدقائهم وحلفائهم الذين تعهدوا بحمايتهم وحماية امنهم واستقرارهم وقوتهم باي ثمن ، وليذهب المسلمون سنة وشيعة في صراعهم إلى الاخر ....او إلى الجحيم !!!



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات