إعفاء من واجبات المواطنة

هناك قرار مأخوذ سلفاً، ولتطبيقه موعد محدد هو بداية الشهر القادم، وللفشل في تطبيقه عواقب كارثية. إذا كان الأمر كذلك فما معنى الاستمرار في خلط الأوراق والخروج كل يوم بتعهد أو توضيح أو التزام.
تعهـد الرئيس بأن يستشير النواب ويعطيهم الفرصة لتقديم بدائل لرفع أسعار الكهرباء، وهو يعرف أكثر من غيره ما هي البدائل التي يمكن أن يأتي بها النواب، وأنها لا تغير الصورة، ولا تقدم حلاً عاجلاً لمشكلة قائمة وليست منتظرة.
وتعهد الرئيس بأن 85% من المستهلكين لن يطالهم رفع السعر، فهل المطلوب تحميل كل العبء على كاهل 15% من المستهلكين للكهرباء، وكأن 85% من الأردنيين فقراء وليسوا مواطنين، ولا يجوز أن يتحملوا حصة من العبء الوطني المطلوب.
الأقلية التي يراد أن تتحمل كل خسائر الكهرباء تدفع حالياً سعراً يعادل سبعة أضعاف السعر الذي تدفعه الشريحة الدنيا، فهل يراد رفع النسبة من 7 إلى 14 ضعف مثلاً.
وإذا كانت التسعيرة الحالية مثالية ومقبولة ويراد الحفاظ عليها، فلماذا لا يتم الرفع بنسبة واحدة على الجميع بحيث تكون الزيادة على الشريحة العليا سبعة اضعاف الزيادة على الشريحة الدنيا، ويبقى تصاعد التعرفة على حاله.
إذا كان هدف الحكومة تسكيت الأغلبية من الشرائح الفقيرة والمتوسطة فإن ذلك لن يفيدها، فهذه الشرائح لا ترفع صوتها ضد حل مشاكل البلد، الصوت المرتفع يأتي من الأقلية المحظوظة، وفي مقدمتها النواب المحترمون وبعض أعضاء النخبة السياسية المدللة التي تملك وسائل الضغط والإحراج حتى لا نقول الابتزاز.
من هذه التعهدات أيضاً أن لا يضار من لا تزيد فاتورته الشهرية عن 50 ديناراً، ولكن الزيادة التي ستصيب هؤلاء تتراوح حول ثلاثة دنانير لا تكسر ظهر من يدفع للكهرباء 50 ديناراً في الشهر.
آخر التعهدات المنتظرة ستكون عن تأجيل القرار لما بعد رمضان، ولكن رمضان سيعود في العام القادم فهل تطبق عليه الأسعار الجديدة أم تعاد التسعيرة الحالية خلال الشهر الفضيل.
بالمناسبة لماذا لا تقدم الحكومة دعماً نقدياً لحوالي 85% من المواطنين في شهر رمضان لتغطية فرق الأسعار التي سترتفع لاشتداد الطلب على اللحوم والحلويات بأكثر من ارتفاع أسعار الكهرباء.
يباع الكيلو وات/ساعة حالياً للشرائح الدنيا بحوالي ُعشر الكلفة، وقد حدث ذلك لأن زيادة التعرفة كانت في كل مرة تعفي الشرائح الدنيا.
إعفاء 90% من المواطنين من ضريبة الدخل و85% من ارتفاع أسعار الكهرباء يعني إعفاءهم من حقوق المواطنة، فليتحمل الجميع التضحيات المطلوبة كل حسب قدرته مهما قلت. ( الرأي )