هل نحن إخوة مؤمنون حتى ينصرنا الله؟!!!
متى وجدت الألفة والتفاهم والتعاون بين أفراد الأسرة والمجتمع الواحد وجد التقارب والحب والإخلاص بينهم ليهنئوا سعداء بحياتهم فرحين بمسراتهم ومناسباتهم السعيدة ومتعاضدين مواسين بعضهم في أتراحهم وأجوائهم الحزينة ، إذ أن كل فرد منهم يفرح لفرح أخيه ويألم لألمه وهذا ما علمنا إياه الإسلام فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى)) أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير .
غير أن هذه الأُلفة وذاك التفاهم لا يتوافران إلا بوجود الإيمان المطلق والصافي النقي المنبثق من القلب المؤمن لعقيدتنا الإسلامية والأسس والمباديء الإلهية الحسنة والعادلة التي بُنيت عليها ليصبح فيها الجميع سواسية كأسنان المشط ، مسلمون ومؤمنون إخواناً كالبنيان المرصوص ، إن فرح أحدهم فرح له الجميع وإذا تألم تألم له الكل بدون إستثناء ، والمغايرة تماماً لذاك الإيمان المصطنع والمزور بالقلب المظلم والمبني على المصالح الدنيوية والمحسوبيات المشتركة بين الأفراد والمجتمعات التي تتخذها مسيرة حياة لها للبقاء .
فمتى كان الإيمان قوياً وصلباً يحيا وينبض في قلوبنا كُنا أولئك المؤمنون الذين يحبهم الله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبالتالي نصبح إخوة في الله متحابين مخلصين أوفياء لله ولرسوله وحق علينا نصر الله لنا كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : (( وكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)) الروم: من الآية47 ، وعندما نحقق مستوى درجة الإخوة الصادقة والمخلصة التي يحبها الله ورسوله لنا وذلك بإتباع كتابه تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ونكون لإخواننا المؤمنون كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته، ملكاً فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ فقال: أريد أخاً لي فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبّها؟ قال: لا غير أنى أحببته فى الله عز وجل، قال: فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)) ، ومن السُّنَّة إذا أحب الرجـل أخاه أن يخـبره كما فى الحديث الصحيح الذى رواه أبو داود من حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه )) ، وفى الحديث الذى رواه أبو داود من حديث أنس: أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل فقال: يا رسول الله! إنى لأحب هذا. فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : ((أعلمته؟)) قال: لا. قال: ((أعلمه)) قال: فلحقه، فقال: إنى أحبك فى الله. فقال: أحبك الذى أحببتني له ، وفى حديث آخر رواه مسلم وأبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((والـذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)) .
لهذا فإن الله تعالى وعد عباده المؤمنون والإخوة بالله والمتحابون فيه وفي رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم النصر القريب والعاجل ما داموا مع الله ورسوله يرفعون راية لا إله إلا الله ومحمد رسول الله ، ويفشون السلام ، يقفون إخواناً متحابين متعاضدين مخلصين لله الدين حنفاء ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ولا يخافون في قول كلمة الحق لومة لائم ، عادلين ومنصفين ويقيمون حدود الله ولا يتعدونها ، ويسارعون بأعمال البر والخير ، ويقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة وهم ركعاً سجدا ، ويصومون رمضان ، ويحجون إلى بيت الله الحرام ما إستطاعوا إليه سبيلا .
فالذي يؤسفنا اليوم عندما نجد أمتنا العربية والإسلامية والذي أصبح ثغائها كغثاء السيل ، وما تعانيه من تمـزق لشملها وتشتت لصفها، وتفرق لوحدتها ، وإختلاف لكلمتها ، وإنقسامها لدويلات صغيرة متناثرة ، وما وصلت إليه من أحقر وأدنى درجات الضعف والضياع والذل والمهانة ، مما جعل الغرب يطمع في أراضيها وتستبيح خيراتها وثرواتها وتنقض عليها كما تنقض الذئاب على فريستها ، ويستقوي عليها القاصى قبل الدانى وليس لها موقع إحترامبين الأمم أو الدول سواء كان في الرأي أو التعبير حتى بما يتعلق بها وبشؤونها وبشعوبها وأوطانها كما نراه اليوم لما يجري في مختلف أقطارنا العربية والإسلامية من إنقسامات وخلافات حتى سالت دماء الأبرياء من شعوبها وأزهقت أرواحها وأُغتصب أراضيها وسُلبت وخيراتها وليس هناك حياة لمن تنادي .
فمتى إخوتي يكون لنا كلمة حرة مستقلة يكون أقلها بيدنا قرار حريتنا وكرامتنا ومصيرنا نحن العرب والمسلمون وبدون تدخل وإستقواء أولئك الغرباء الحاقدين والأجانب المتطفلين والمرتزقة المتسولين؟ ومتى يجيء ذاك اليوم الذي نكون فيه إخوة مؤمنون متحابون مخلصون لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ثم لأوطاننا وأبنائنا وحرياتنا وكراماتنا ونكون صفاً واحداً كبنيان مرصوص ، أغنياء بالإيمان والعقيدة وأقوياء بالعزيمة الشكيمة ، وقلوبنا مفعمة بالإيمان تجمعنا الألفة والوحدة والمحبة ونكون كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ، ونحيا بقلوب مؤمنة نرتجف على بعضنا مؤمنين بإقامة العدل والمساواة بين أبناء شعوبنا والعمل بما يرضي وجه الله الكريم مقتدين برسوله الأمينوتابعيه من المؤمنين الصالحين ،ولنسأل أنفسنا حينها هل وصلنا حقيقة لهذه النقطة التي تصبح فيها القلوب بيضاء صافية نقية لنكون إخوة بالله حقيقة واقعية نرقى فيها لأن يمددنا الله بجند من عنده ويمنحنا رضاه تعالى ونصرته كما قال عز وجل : : (( وكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)) . نعم أخوتي المؤمنين ، فبالإخوة بالله الصادقة الصافية الزكية تبنى على قوة الإيمان بالعقيدة والحب لله ورسوله فمتى كان هناك إخوة من غير إيمان بالعقيدة وحب الله ورسوله كان هناك وبكل تأكيد محسوبيات ومنافع ومصالح مشتركة لا بد في النهاية أن تنهار وتتلاشى ، وكما أن الإيمان بدون إخوة صادقة يبقى ناقصاً كون الإيمان مرتبطاً بالإخوة كما قال الله تعالى (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)) الحجرات:آية 10 . ولتأكيد السؤال مرة أخرى هل نحن إخوة مؤمنون حتى ينصرنا الله ؟!!! .