هل ينفع «التعقل» في زمن الجنون؟

تم نشره الثلاثاء 18 حزيران / يونيو 2013 03:25 صباحاً
هل ينفع «التعقل» في زمن الجنون؟
حسين الرواشدة

في مواسم «الجنون» مثل هذه التي نعيشها، تبدو الدعوة الى التعقل والحكمة نوعا من التخاذل وربما الخيانة، لكنني ما زلت عند رأيي حول خطأ اقحام «اهل السنة» في مواجهة مذهبية وطائفية مع «الشيعة» بحجة الرد على الخطأ السياسي الكبير الذي ارتكبه حزب الله، ومعه ايران، حين انحازا للقتال في جبهة النظام السوري.

افهم - بالطبع - ان تدعم الدول العربية والشعوب ايضا ثورة الشعب السوري وان تقدم ما بوسعها «لنصرته»، لكن عليها - ان حزمت امرها وهي لم تفعل ذلك حتى الان - ان تذهب الى العنوان الصحيح، وهو السياسة هنا، فالصراع الذي يدور هناك هو صراع عسكري وسياسي محض، والشعب السوري اصر منذ بداية ثورته على رفض انزلاقه لحرب طائفية او دينية او مذهبية، لان معركته ليست ضد هذه العناوين وانما ضد «نظام» ظالم ومستبد.

صحيح ان حزب الله دخل على الخط، وادخل معه «الشيعة» في مواجهة مع الاغلبية السنية، لكن ذلك لا يبرر ابدا ان يرد العلماء المسلمين التحية السيئة باسوأ منها، لان ما فعله نصر الله اولا لا يتحمل الشيعة وخاصة العرب منهم وزره، كما ان «المعاملة بالمثل» ستدفع الامة الى اقتتال داخلي ليس في مصلحة احد، الا اعداء الامة المتربصين بها، ناهيك ان «تحشيد» المجاهدين من اهل السنة كأفراد للقتال في سوريا سيكون ذريعة للنظام ولحزب الله وحلفائهم للاستمرار في الحرب واقناع الداخل والخارج بان البديل ليس افضل من الموجود، تماما كما فعل النظام حين استخدم «القاعدة» والنصرة لتخويف العالم من «الارهاب» الاسلامي القادم لحكم سوريا.

قبل ان استطرد هنا ارجو التذكير بانني اتمنى لو كان لاهل «السنة» دولة واحدة، او مرجعية واحدة، تتحدث باسمها، وتنهض للدفاع عن وجودها وحقوقها، بحيث نتجنب مثل هذه «الفزعات» التي يقوم بها علماء للتحشيد واعلان النفير العام، ليس ضد اسرائيل الغاضبة بالطبع، وانما ضد «مسلمين»اختلفوا معهم في السياسة، وكان يجب ان يحصروا اختلافهم فيها تحديدا، لا ان يتجاوزوها الى تخوم «الدين» الذي يفترض ان يكون «طرفا» محايدا، ورصيدا «للوحدة» لا لتبادل سكاكين الذبح واذكاء الصراع.

لا يخطر في بالي - اطلاقا - ان ابرئ النظام القاتل في دمشق، ولا ان ادافع عن «جنون» العمامات التي اختطفت الدين والسياسة معا، فانا اعرف - تماما - ان تاريخ الشقاق الذي دبّ في امتنا بدأ من تحت اقدام دعاة «المظلومية» واصحاب «الامامة المغتصبة»، لكن من قال انه يجب علينا ان نتحمل وزر هذا التاريخ المثقل «بالاحزان» وان نعيد تجارب «الشحن» الطائفي التي لم يخسر فيها الشيعة وحدهم وانما خسرنا معهم ايضا وما نزال.

اعرب ان الكثيرين سيجادلونني في «واجب الردّ على النظام الظالم، حتى وان مسلما» وفي فريضة «الاخذ على يد البادئ حتى وان كان اخا»، لكنني اعتقد ان لدينا من النصوص والقيم التي تتعلق «بالعفو» والسماحة وتغليب وحدة الامة على وحدة العقيدة «قصة موسى مع هارون مثلا»، والاصلاح بين المؤمنين اذا ما اقتتلوا، والحرص على الاخوة وغيرها من المواقف التي تستلزم وقف «الفتن».. ما يغني عن الرد والتفصيل، خاصة وان امتنا اليوم لا تحتاج الى اعداء جدد لتقاتلهم، يكفيها الاستبداد والظلم، والاحتلال والاستعمار، لتحتشد ضدهم، وتستنفر قواها للتحرر من كيدهم وجبروتهم.

لا اريد ان اسئ الظن بهذا التزامن اللافت بين موقف علمائنا الذين دعوا للجهاد في سوريا ردا على حزب الله وايران وبين خطاب مرسي ونداءات المنابر وبين - ايضا - استنفار واشنطن لتسليم المعارضين وبهجة اسرائيل بما يجري، لكنني انبه الى ان ضرورة قراءة المشهد السياسي بكل ما يحفل به من احداث، لا على صعيد سوريا فقط، وانما المنطقة برمتها، فانا لا اتمنى ان نساق جميعا الى «المقصلة» باسم الله، وباسم الدين فيما الحقيقة اننا نفعل ذلك عكس ذلك تماما، حتى لو صدقت النوايا وحتى لو كنا جميعا نتمنى ان يسقط النظام السوري، اليوم قبل الغد. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات