مصير موازنة 2013

صوّت عدد كبير من النواب لصالح رد القانون المؤقت لموازنة 2013 ، ليس لأن لديهم تصوراً لموازنة أفضل ، بل لمجرد مناكفة الحكومة والظهور بمظهر المجلس المتمرد.
تمثل الموازنة أفضل حالة ممكنة ضمن أسوأ ظروف مالية ، وبالتالي ليس بالإمكان أبدع مما كان ، بل إن واضع الموازنة كان شديد الطموح والتفاؤل عندما التزم بأن النفقات الجارية لهذه السنة لن تزيد عن نفقات السنة الماضية ، وأن نسبة تغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية سوف ترتفع ، وأن العجز المالي سيهبط إلى مستوى 3ر5 % من الناتج المحلي الإجمالي.
بمثل هذه الموازنة يصبح من واجب جميع السلطات ترجمتها إلى واقع ، وتحقيق أهدافها بدلاً من دس العصي في دواليبها.
الاتجاه نحو رفض الموازنة كان يثير مخاوف مشروعة لدى كثيرين ، فما العمل بدون موازنة ، ومتى يتم وضع موازنة بديلة لسنة 2013 تلبي رغبات المجلس وشروطه وتجتاز جميع المراحل الدستورية ، وهل غاب عن البال أن النصف الاول من السنة قد انتهى وأن الحكومة بدأت بإعداد مشروع الموازنة لعام 2014.
في كل الحالات لن تتحقق هذه المخاوف ، فالموازنة العامة الراهنة سوف تستمر في التطبيق حتى نهاية السنة سواء قبلها النواب أم رفضوها. ذلك أن رد القانون يتطلب قراراً مماثلاً من مجلس الأعيان. وإذا كانت اللجنة المالية لمجلس النواب احتاجت لعدة شهور حتى تقدمت بتوصياتها ، فإن اللجنة المالية لمجلس الأعيان سوف تحتاج لفترة مماثلة ، ومن المؤكد أن قرار الأعيان إذا جاء دوره قبل نهاية السنة سيكون عقلانياً ، هدفه المصلحة العامة وليس رفع منسوب شعبية أعضائه.
إذا اتخذ مجلس الأعيان قراراً بقبول الموازنة خلافاً لقرار مجلس النواب كما هو شبه مؤكد ، فإن القانون سيعود إلى اجتماع مشترك للمجلسين قد لا ينعقد لأن اللجان المالية ستكون مشغولة بمناقشة مشروع موازنة السنة الجديدة 2014.
أضاع مجلس النواب ولجنته المالية وقتاً ثميناً وتسعين خطاباً في مناقشة موضوع مفروغ منه ، وهم يعرفون أن هذه الموازنةُ ُوجدت لتعيش ، لأن ظروف البلد الموضوعية تفرضها ، ولأن استبدالها غير وارد عملياً.
يضاف إلى ذلك أن مجلس النواب لا يأخذ بتوصيات وقرارات لجنته المالية ، بل يعود لمناقشة الموازنة من نقطة الصفر ، وهنا تبدأ موجة الخطابات الحماسية ، ليس في مناقشة اتجاهات الموازنة ، بل التهجم على الرئيس وتقديم مطالب مناطقية تعجيزية ، ورفع شعارات شعبوية للحيلولة دون إصلاح موضوع الكهرباء ولو أدى ذلك للمزيد من العجز في الموازنة والارتفاع في المديونية.