بأي ذنبٍ قتلت
على صدر أمه هوى،
وبين يديها قد هدأ واستكان،
نشب أصابعه الصغيرة في صدرها،
فتح فاه وحرك لسانه،
حاول أن يقترب من ثدي أمه،
بدا عليه الاضطراب والحيرة،
فما اعتاد أن يتوه عن ثدي أمه،
ولا أن تطول محاولاته وتتأخر،
دوماً كانت تلقمه أمه ثديها،
وتمنحه الحب من حليبها،
ولا تبخل عليه من حنان صدرها،
ولكن الطفل المسكين لم يكن يدري أن أمه لن تساعده،
وأنها لن ترضعه مرةً أخرى،
وأنهم سينزعونه من بين يديها،
وسينزل عن صدرها، وسيبعدونه عنها،
فقد ماتت أمه ولم يعد حليبها يجري في صدرها،
قُتلت بقذيفةٍ في أرضنا العربية،
قتلتها نيرانٌ عربية، أو قذائف إسرائيلية، لا فرق،
فكلاهما حمل معه الموت، وجلب إلى جسدها السكون،
قتلت رغم أنها كانت تحتمي وتختفي،
طالتها القذائف رغم أنها كان داخل بيتها،
تحصنت وطفلها بخزائنها وبقايا الثياب والفراش،
ظنت نفسها أنها في مأمنٍ من الخطر،
ولكن قذيفةً حاقدة توجهت إليها فما أخطأتها،
قتلتها، فبقيت في جِلستها وعلى هيئتها لم تتحرك، ولكنها ماتت،
ترى هل سينسى الطفل الصغير أن أمه ماتت وهو بين يديها،
هل سيسامح قاتليها،
هل سينسى مع الأيام أنه حرم حليب أمه،
هل سيغفر لمن قتلها، وسيعفو عمن حرمه منها،
هل ستطيب له الحياة من بعدها،
أم أنه سيكبر، وسيكبر معه الحقد،
وسينمو معه الثأر،
وسيتجدد لديه العهد والقسم بأن ينتقم،
وسينتقم ...