حذار من نميمة الاموات..!

تم نشره الجمعة 05 تمّوز / يوليو 2013 02:22 صباحاً
حذار من نميمة الاموات..!
حسين الرواشدة

آخر ما يحتاجه المسلمون - اليوم - ان يمضغ بعضهم لحم بعضهم ، او يكسًّر عظامه ، او ان يهوي بفأسه على شجرة الوحدة ليجتثها من النفوس والخرائط بعد ان نجح الاخرون في اقتلاعها من ارض الفعل والواقع.

كان يمكن للامة - لو كان لها مرجعية معتبرة ان تتجاوز هذا العبث بكلمة واحدة يشهرها الامام الحاضر ، او ان تحسم هذه السجالات بفتوى تحرم زرع الشقاق بين اتباع المذاهب ، لكن المرجعية غير موجودة ، ودعاة التقريب تحولوا الى دعاة للتفريق ، وجراحات الامس التي كنا نظن ان امتنا تجاوزت محنتها وجدت من ينكأها والفتن النائة التي اختبأت في بطون الكتب وتسللت الى المقابر لم تعدم من يستحضرها على عجل ، وينبش من اجل استدعائها من كل الاجداث والمقابر.. وكل سطور التاريخ المزدحم بنميمة الاموات ايضا.

لم تسلم امتنا - على امتداد تاريخها - من صراعات الفرق واصحابها ، ومن شقاقات المذاهب واتباعها ، ومن دعاوى التكفير والاخراج من الملة التي استخدمها الشيوخ والسلاطين لحماية سلطاتهم غير المشروعة ، لكننا لم نعدم في زحام هذه النوازل التي اطبقت على لوزتي الامة من ضحى من اجل لم الشمل ، وجاهد دفاعا عن الوحدة ، ومن قضى عمره في الدعوة للتقريب بين الاتباع ، وبفضلهم اثرت المذهبية فكرنا الاسلامي ، واستطاع صلاح الدين الايوبي ان يحرر القدس بالشيعة والسنة من المقاتلين ، واستقبل الازهر الشريف الامام القمني معلنا قبول المذهب الخامس ، ولم يقل احد - آنذاك - ان الاختلاف عما صدر عن النبي عليه السلام هو - بالضرورة - اختلاف عليه صلى الله عليه وسلم ، ولا ان الردة عن المذهب لها حكم الردة عن الدين ، ولا ان غزو الفاطميين لمصر الذي لم يزعزع ايمان السنة بمذهبهم يشبه غزو الفرنسيين.. كانت الامة انذاك ما تزال تتمتع بعافيتها وتمتلك عناصر منعتها ومقاومتها ، وكان لأئمة - حينذاك - يمسكون بزمام الفتوى والجهاد ، ويرفضون الانقياد لدعوات احياء المفاصلة السياسية التي ارهقت اعصاب الامة وحولتها الى معسكريين يتراشقان الموت على شطآن دجلة.

بمقدور احدنا ان يفتح آلاف الصحفات التي تغري بالشقاق والفصال بين اتباع كل مذهب ومذهب ، بين السنة بتياراتهم وجماعاتهم وحركاتهم وبين اتباع الشيعة وبين غيرهم من الطوائف ، وما اكثرها الاختلافات التي يوزعها الاخوة الفرقاء بين بعضهم بعضا ، لكن هل يمكن ان تنسحب - بدعوى المصارحة او مواجهة الغزو والتبشير او غيرهما من الدعوات - الى ميادين القتال والمفاصلة والبراء بين ابناء الملة الواحدة؟ هل يمكن ان نضحي بحاضر الامة ومستقبلها انتصارا لماضيها؟ ان ندق اسافين النزاع بين الاخوة الاحياء دفاعا عن صورة الذين مضوا الى ربهم ، هل يمكن ان نخشى من الغزو داخل الدين الواحد ولا نخاف من الحرب المعلنة لاستئصال هذا الدين ، بكل اتباعه ، هل يمكن لاولويات وقف الهجوم والشتائم من الاخوة داخل البيت الواحد ان تتقدم على اولويات وقف حروب الابادة والاحتلال للبيت الواحد كله من الخارج؟

هذه ليست مرافعة للدفاع عن احد ، ولا انحياز لمذهب ضد آخر ، ولا تقليلا من حرص واهتمام وتقدير بعض شيوخنا لاولويات الامة ودفاعهم عن قضاياها ولكنها دعوة صادقة لطي ملف هذا الفصام النكد بين جناحي الامة الواحدة.. او اعادته الى الرف السياسي الذي خرج منه.. لا الى الرف المذهبي الذي يمكن الحوار فيه بعيدا عن السجالات المفزعة.. واعلانات البراءة التي لا يجوز ان تشهر بين المسلمين.. واخوانهم المسلمين. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات