الذبح الحرام والغدر بالديك

تعود الذاكرة إلى ذات طفولة كانت فيها أغنية يرددها الصغار بتحبب وفرح, تقول كلماتها ما يلي:
عندي ديك اسمه مرسي
قاعد بلعب ع الكرسي
جبت الموس وذبحته
ب مية سخنة نظفته
ب لوز وجوز حشيته
بالصينية حطيته
تحت النار شويته
هناك كلمات أخرى لا أذكرها تماما, لكن الأغنية كانت تنتهي بأكل مرسي الديك على وليمة رغم خدماته الجليلة مع الدجاجات وصياح الفجر.
تتشابه قصة مرسي الرئيس إلى حد بعيد مع مأساة مرسي الديك، فالرئيس الذي استمر طوال عام كامل يجهد لترسيخ مبدأ الشرعية الديمقراطية, والاحتكام لصناديق الانتخابات وحماية مصر من العودة إلى الوراء, وتحمّله كل ما كان يكال له من افتراءات ونكات وتعليقات سمجة، وهو في كل مواقفه بقي ماداً يده بمبادرات شتى من أجل حماية الثورة, وغير ذلك الكثير ممّا يستحق أن يذكر, إلاّ أنّه انتهى إلى قرار أكثر قسوة من الذبح عندما أعلن الجيش انقلابا سمّاه استجابةً وقرر عزل الرئيس المنتخب واختار بديلا له بالتعيين.
بطبيعة الحال، ذبح الديوك من النواميس في الحياة، ومثلها شتى الطيور والمواشي كي تستمر الحياة, وليس الأمر ذاته في ذبح الرجال، فكيف إن كان غدرا؟ وعليه فإنّ المخفي في كل ما يجري لن يكون عظيما أبدا, والخشية منه أنّه بلا نوايا حسنة أو أنّه خسيس.
فأصل الحكاية ليس مرسي الرئيس، وإنّما معه وبعده أيٌّ من يليه أن يتوقف ذبح الناس كالدجاج والديوك المحترمة بلا وقار. وها هي مصر الآن, ليس معلوما فيها مرسي الذبيح بأشد وجعا من أيّ ذبح إن كان خاتمة البداية أو أنّه النهاية المعدّة سلفا، وكيف أنّ الدجاجات كلها معلوفة بالحنطة الأميركية بلا اكتراث إن ذهب مرسي أو عاد مبارك أو خليفته المنتظر.
لن يفيد المصريين ميدان التحرير الذي لم يحرر من فيه بعد, ولا ميدان رابعة تمكّن من جمع على قلب موقف واحد. ولن ينفعهم السيسي وقد يسيّس بهم ولا منصور الجديد الذي لن ينصرهم, وليس لهم والله إلاّ أن يستعيدوا الذاكرة ويعودوا بمصر كبيرة لكل الأمة، بدل استمرارها أصغر من الصغر. ( السبيل )