رفعت الأقلام وجفت الصحف يا مصر
رفعت الأقلام وجفت الصحف، وانتهى الأمر كله،
ووقع الأمر، وحدث ما حدث، فلا اقتربت الساعة ولا انشق الأمر،
انقلابٌ قد وقع، أو ثورةٌ قد نجحت، أو تصحيحٌ قد جرى، لا فرق فقد تغير الحال وتبدل،
نسلم بقضاء الله وقدره، فلا ينبغي الآن الالتفات إلى الوراء، ولا محاولة البكاء على الأطلال،
بل دعوةٌ للمعارضة الجديدة، التي كانت بالأمس هي السلطة والرئاسة، وهي الآمرة الناهية،
الأدوات أضحت ديمقراطية كما يدعون، وشارعاً كما يقولون، ومظاهراتٍ كما يريدون،
فلنبدأ صفحةً جديدة، مع أنفسنا أولاً، وفي صفوفنا قبل غيرنا،
نعيد قراءة الأحداث، نتدبر فيما حدث وجرى،
في القرارات الأولى والمشاركة، في الترشح والرئاسة، في الحكم والممارسة،
وفي التحالفات والتفاهمات، وفي الأولويات والتحديات، وفي الشعارات والسياسات،
ينبغي اليوم التوقف عند كل ما جرى، فلا صخب دون وعي، ولا ثورة دون فلسفة،
ولا خروج إلى الشارع إلا وفق رؤيةٍ وبرنامج، وعلى أساس تصورٍ وبصيرة،
فلا تخريب ولا إفساد، ولا تدمير ولا تعطيل، ولا إساءة ولا مخاطرة،
ولا تعامل بالمثل، ولا تكرار للخطأ، ولا إضرار بمصالح الشعب ولو كان نكاية،
فلا انتقام ممن أساؤوا وتآمروا بمصالح الشعب وقوت يومه، وحياتهم البسيطة،
بل لجوءٌ إلى إلى الشعب، وعودةٌ إلى المواطن، وإعادة قراءةٍ من جديد،
العودة هذه المرة يجب أن تكون من جديد عبر صناديق الانتخابات، ووفق نتائج الاقتراع،
هذا منطق الحكمة، ومنهج الصالحين الصادقين، الواثقين المطمئنين،
لا قبول ولا إقرار بشرعية الإنقلاب على السلطة، وتنحية الرئيس وإسقاط الحكم،
ولكن لا تكرار لمسلسل الإفساد ومعاول التخريب،
وعلى الذين تقدموا الصفوف، وأسقطوا راية الشرعية، وعادوا إلى عهود العسكر وانقلاباته،
أن يتوقفوا عن الملاحقات والاعتقالات، وأن يمتنعوا عن الاتهامات والتشويهات،
فهذه الاعتقالات باطلة وغير شرعية، وهي اتهاماتٌ كيدية تضليلية،
يراد منها الانتقام والتشفي، والإساءة والتشوية وإلحاق الضرر،
فهؤلاء هم الشرعية وقد انقلبتم عليهم،
وهم الحزب الأقوى وقد شهدتم، والأكثر انتشاراً وانتظاماً وقد عرفتم،
فلا تكون الإساءة مرتين، ولا يكون الخطأ مضاعفاً، ولا تكون الجريمة عن قصدٍ وسبق إصرار،
توقفوا عن الإساءة والاعتقال، ولا تكونوا ضالين أكثر ولا مضلين أشد،
وافتحوا الباب واسعاً للجميع فلا استثناء ولا حرمان، ولا إقصاء ولا تجريم،
ويكفي ما أصاب مصر وأهلها، وما لحق بالعرب، ومن إلى مصر يتطلع ويهوى،
فهؤلاء هم من عيون مصر وإن كنت أود القول أنهم عيونها،
وهم من قلبها من خيرة أكبادها،
فاحفظوهم وقد نبا سيفهم، وكبا جوادهم، وإن لم تصبهم هفوة، فهم كرامٌ كانوا ما زالوا أهل جودٍ وكرم.
حمى الله مصر وأهلها، وحفظها من كل سوءٍ ومكروهٍ وضيم ....