فقراء يزحفون إلى أحياء الأغنياء طلبا للمساعدة
المدينة نيوز-: في منطقة دابوق على الشارع الرئيسي الواصل بين عمان والفحيص كانت أم أمين السبعينية تزحف على يديها باتجاه "إشارة النسر"، فيما كانت ابنتها تحاول أن تجد "كرتونة" في الأراضي المحيطة علّها تُجلس والدتها عليها وتستطيع سحبها الى حيث تريد.
أم أمين (وهو اسم مستعار)، التي جاءت من السلط مع ابنتها، كانت تريد أن تجلس على الرصيف في "منطقة ظاهرة" علّ "أحد المسؤولين المهمين"، وفق قولها، يقف لها ويساعدها، فهنا "منطقة الناس المهمة واللي معها فلوس يا خالتي"، كما تقول.
قدّمت الحاجة لي تينا وخوخا قطفته ابنتها من أحد المزارع المجاورة - وفق قولها -،كما أصرت على أن أتذوق تمرا منحوه لها أهالي "فيلا" أخرى وهم من أعطوها أيضا زجاجة زيت زيتون وملابس مستعملة، وحوالي 20 دينارا.
ومع كل سؤال كنت أوجهه لها حتى أعرف عن حالتها أكثر كانت تجيب أم أمين بابتسامة يبدو أنها اعتادت عليها "الله يستر عليكي يا حبيبتي رح أجوابك بس ما بدي حدا يعرف" عشان حكي الناس.
جميع إجابات أم أمين وابنتها المقتضبة لم تكن تدلل على شيء سوى على العوز والفقر الذي باتت صوره وأشكاله تتجذر في المجتمع بصورة أكبر وأقسى مع كل عام، وخصوصا مع عدم وجود حلول على مدى السنوات لمشكلة الفقر التي زادت من 13.3 % في العام 2008 لتصل الى 14.1 % العام 2010 مع توقعات بالارتفاع خلال السنوات المقبلة في ظل ارتفاع الأسعار الكبير الذي تشهده المملكة وارتفاع معدلات البطالة.
أم أمين لم تسمع يوما عن برامج الحكومة في محاربة الفقر ولا تعرف شيئا عن الحكومة سوى ما يرتبط "بالمعونة الوطنية" و"المركز الصحي" الذي تراجعه كل شهر، بالإضافة الى اسم رئيس الحكومة "النسور" الذي تعود أصوله الى منطقتها.
وتعتبر منطقة أم أمين، وهي محافظة البلقاء، ثالث أكبر مدينة تعاني من الفقر، حيث قدرت الإحصائيات الرسمية نسبة الفقر في هذه المنطقة بـ20.9 %؛ حيث سبقتها كل من عجلون التي تصل نسبة الفقر فيها 25.6 % ومعان التي تقدر بـ 26.6 %.
سياسات محاربة الفقر "نجحت" في أن يصل خط الفقر غير الغذائي الى 39.8 العام 2010 (وفق آخر الإحصائيات) بدلا من 32.3 دينار شهريا العام 2008، وأن يصل خط الفقر الغذائي 28 دينارا شهريا العام 2010 بدلا من 24.3 دينار العام 2008.
وبحسب أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، قاسم الحموري، فإنّ معالجة الفقر في المملكة جاءت بنتائج معاكسة لما هو متوقع، فنسب وجيوب الفقر زادت وباتت تنتقل من مكان الى آخر بدلا من أن تختفي.
ويضيف أنّ المشكلة الأساسية في قضية "محاربة الفقر" تكمن في ضعف تشخيص الظاهرة لدى الحكومات، وبالتالي ضعف العلاجات المطروحة؛ إذ ليس هناك أي متابعة أو إعادة تقييم للسياسات التي يتم وضعها.
ويصف الحموري أن الفقر في الأردن "ظاهرة مستشرية"، والتعامل معها بالمستوى المطلوب بحاجة الى دراسات ميدانية حقيقية وواقعية، لتشخيص الأسباب الفعلية للمشكلة وتبعاتها.
يشار هنا الى أنّ حكومة النسور كانت أكدت في ردها على كتاب التكليف السامي أنها "ستحرص على محاربة الفقر والبطالة وحماية المستهلك، ودعم الطبقة الوسطى من أجل توسيعها وتمكينها، وستكون متطلبات الأمن الغذائي والمائي ومواجهة تحدي الطاقة من المحاور الأساسية لبرنامج الحكومة الاقتصادي، وسنعمل على تطوير رؤية شمولية لهذه التحديات، تعتمد على التخطيط بعيد المدى، وتنويع الخيارات والمصادر، وتنفيذ المشاريع الكبرى، لتلبية احتياجات أجيال الحاضر والمستقبل". " الغد "