تشخيص الحالة المصرية و طرق الحل
عند الرجوع للثورة المصرية التي انطلقت في 25 يناير من العام 2011 حيث اجمعت كل اطياف المجتمع المصري ضد نظم الرئيس السابق حسني مبارك و ما يمثله .
و اخيرا و بعد سقوط العديد من الشهداء و الجرحى انتصر الشعب و تخلص من حكم ظالم امتد لاكثر من ثلاثين عاما و اصبح الشعب المصري حرا و طليقا و سعيدا بما حصل و ناصرته العديد من الشعوب العربية و الاسلامية و الحرة في العالم .
و بعدها كانت هناك فترة انتقالية لحكم الجيش انتهت بانتخابات حرة و نزيهة و شفافة شهد لها كل العالم و افضت الى فوز حزب الحرية و العدالة ممثلا للإخوان المسلمين على مجموعات متعددة و مختلفة كان يجمعها قاسم مشترك واحد فيما بينها هو موقفهم المعادي لحزب الحرية و العدالة و للإخوان المسلمين !
و لكن النسبة التي فاز بها الإخوان المسلمين كانت نسبة على الحافة اي نصف الشعب المصري لم يكن مؤيدا و ناخبا لهم , و رغم ذلك فقد كانت سابقة و فرصة كبيرة لوجود نظام حكم مدني - ديمقراطي جديد غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث .
و لكن على الارض كنا نرى خلاف ما افرزته صناديق الاقتراع و كنا نرى خلافا لاداب المعارضة و خلافا لارادة الناخبين الذين انتخبوا و اختاروا حيث كنا نجد الطرف الخاسر ( المعارضة المختلفة) و التي تمثل نفسها و بقية الشعب لم يرق لهم وجود الإخوان المسلمين في سدة الحكم حيث التقت و لاول مرة مصلحة المعارضة المصرية مع مصلحة اسرائيل في عدم الرغبة بالتعامل مع نظام حكم يقودة الاخوان المسلمين !
اذ كيف يهدا بال إسرائيل و يستقر امنها و هي ترى موقف مصر الرسمي و قد اصبح نصيرا و داعما لحركة حماس في غزة . و كيف لإسرائيل ان تهدا و يستقر امنها و قد اصبحت سيناء منطقة مصرية تدب فيها الحياة بعد ان كانت شبه منطقة عازلة ايام النظام السابق مما سيضطرها لإنفاق عشرة مليارات من الدولات سنويا من اجل حماية كيانها الغاصب المحاذي لسيناء
و هذا سيؤثر تأثيرا مباشرا على حياة الاسرائيليين اقتصاديا بالاضافة الى القلق الامني .
و لن ننسى كيف كانت المعارضة المصرية من جانب اخر تتربص للإخوان المسلمين حيث كانت تقف لهم بالمرصاد و تعمل على عدم تمكينهم من اتخاذ اي قرار حاسم و عدم التعاون مع نظام الرئيس مرسي و الذي كان قد ورث إرثاً ثقيلا من سقوط نظام مبارك حيث اكتشف حزب الرئيس مرسي حجم المديونية الهائلة و حجم الفساد المالي و الاداري المستشري بحيث لن يكون بمقدور من سيحكم مصر ان يحل هذه المصائب بدون وجود تعاون حقيقي و فعال بين جميع اطراف القوى السياسية و الشعب و وجود دعم و مساندة عربية و دولية سواء كانت مادية او معنوية.
و لكن للاسف كان الشعب المصري متعطشا و متهيئا للحلول السريعة , فبدات المعارضة تستفيد من الوضع الاقتصادي و السياسي المتازم و استطاعت ان تجيش الملايين من الشعب و هذا ما رأيناه في ميادين مصر و على رأسها ميدان التحرير و الاتحادية و ماسبيرو بشكل خاص .
و هنا جاءت فرصة ذهبية لاسرائيل كان معد لها باتقان و دهاء و لهذا صرحت تسيفني ليفني قبل اسبوعين بان على تركيا و مصر ان تدفعا الثمن غاليا بما اقترفوه بحق اسرائيل !!!
كل ذلك كان واضحا و مفهوما و لكن المشكلة الكبرى كانت باعتماد الرئيس المصري على سياسة حسن النوايا و على الاخلاق العالية و لكن سياسة الطرف الاخر سياسة شيطانية لا تجابه بتلك الاخلاق .
و الخطا الذي وقع فيه الرئيس مرسي و حزبه الحاكم هو ارتضاءهم بتحمل كامل المسئولية التي ورثتها مصر عن حكم مبارك لوحدهم دون وجود اي دعم من أمريكا أو دول الاتحاد الاوروبي او الدول العربية و لم يُحسنوا العلاقة مع ايران التي حاولت الاستفادة من الوضع المصري و وعدتهم بالدعم ؟! فكيف سيستطيع الرئيس مرسي المباشرة في تنفيذ برنامجه الذي وعد به ؟ بل كيف من الممكن ان يكون الوضع العام في مثل هذا الحال !
اعتقد ان القرار الحكيم كان يتمثل بتقديم الرئيس مرسي استقالته من تلقاء نفسه منذ مدة احتجاجا على هذا الوضع المتازم من جهة و احتجاجا على عدم تعاون جميع اطراف المجتمع المصري معه لخدمة مصر , و كان على الرئيس مرسي ان يترك الوضع للطرف الثاني ( المعارضة ) لتتصرف و يتحول مع حزبه الى معارضة حقيقية ,,, حينها و لو فعل ذلك لتحول مرسي الى بطل قومي امام الجميع و ليس كما تتهمه المعارضة بانه جزء من الازمة التي يعاني منها الشارع المصري .
الحلول المقترحة
و مع ذلك لم يفت الاوان بعد و امام مصلحة مصر كوطن و كامة لا تتجزا و هو ان لا يقبل الرئيس مرسي او الاخوان المسلمين بالرجوع الى الحكم فيما لو اتيح له لكون الظروف الراهنة غير مواتية لجماعة الاخوان المسلمين مقابل قدرة المعارضة على شحذ الدعم الداخلي و الخارجي ناهيك عن اصطفاف الاعلام الى جانب المعارضة و بالامكان ان يستفيد جميع اطراف الازمة في مصر من وجود المعارضة في سدة الحكم حيث سيترك هذا الدعم اثره سريعا على الشارع المصري كما رأينا و منذ اليوم الاول لعزل الرئيس المصري راينا كيف اختفت ازمة الوقود و ازمة انقطاع التيار الكهربائي و زيادة اسعار البورصة بمليارات الدولارات و كيف فرض رجل الامن هيبته و وجوده ! في اشارة الى ان تحريك هذه الملفات يكمن في يد المعارضة فقط ؟! لان مفاصل الدولة بقيت كما هي من مخلفات الحكم السابق لم تتغير و لم يمكًن الرئيس من فعل ذلك .
و اعتقد ان كل ما حصل هو لصالح حزب الحرية و العدالة و الإخوان المسلمين حيث اعفاهم من المسئولية الهائلة و التركة الثقيلة و استفادت من هذه التجربة على الواقع .
اعتقد ان تسوية شاملة و سريعة يجب ان تتم بين جميع اطراف الازمة هي الحل الوحيد لاخراج مصر من عنق الزجاجة تتمثل بتنازل الإخوان المسلمين عن حقهم الشرعي و الديمقراطي في الحكم لصالح المعارضة المصرية و يتحول الإخوان المسلمين الى معارضة برلمانية تجرى انتخاباتها في القريب العاجل ضمن قانون انتخابي يتفق عليه الجميع و ان تضمن المعارضة المصرية في سبيل انجاح هذه التسوية حق الإخوان المسلمين و حق ممثليهم و ناخبيهم بالترشح و ان تعترف بهم كمكون اصيل و مؤثر في المجتمع المصري و في المشهد السياسي العام لمصر .
و هذا التنازل رغم القوة المؤثرة التي يتمتعون بها في الشارع و التعاطف الكبير المتزايد معهم يعطي انطباعا لدى مؤيديهم بالرغبة الحقيقية و الفعلية للعمل و لوأد الفتنة المصطنعة و سيرتد ايجابا عليهم لاحقا لان وجودهم في البرلمان سيعطيهم قوة اكثر مما لو كانوا على راس السلطة.
و عند ذلك سيختزل الصراع الى صراع سياسي لا احتقان اجتماعي و شعبي , و سيحفظ لمصر ماء وجهها و كرامتها و حمايتها من اي تدخل خارجي او من اي عبث داخلي .
حينها سيكون مكان جماعة الاخوان المسلمين في مكانهم الصحيح و المؤثر داخل البرلمان المصري كمراقب و محذر من اي خطا او تجاوز او خطر على الدستور و القانون و مصالح الشعب لان المعارضة اليوم تختلف عن السابق لوجود الشارع و الميادين كساحة مفتوحة للتعبير عن الراي و هم يعرفون الشارع تماما.
و انا على يقين بان كل ما حدث من حلول سريعة لحل أزمة الكهرباء و البنزين كان مهيأ له بالتباطؤ في ظل وجود الاسلاميين على سدة الحكم و ليظهر فجاة بعيد اقالتهم ليؤكدوا ( المعارضة ) لانفسهم و للشعب المصري و للعالم فشل تجربة الاسلامين في الحكم مع ان ذلك لن يدوم طويلا لكون البلاد تعاني من تركة فساد هائلة و كبيرة لن تستطيع المعارضة ذاتها ان تحلها لوحدها ايضا .
و في المستقبل ايضا سيتكشف للشعب المصري ان اللعبة التي طبقت و نفذت على ارضهم انما هي صناعة اسرائيلية بامتياز عملت على منع الدعم الدولي لمصر و على ايقاظ خلاياها النائمة داخل مصر في وقت يعاني منه الشعب المصري اوضاعا صعبة وجد الاعلام المصري و العربي من ذلك الوضع المركب و المعقد مادة دسمة له ليروج لفشل الاسلاميين في الحكم ؟!
و سينقلب السحر على الساحر لا محالة في نهاية المطاف و ريثما نرى هذا الانقلاب فان الشعب المصري الشقيق مطالب بمسلميه ومسيحيه و كامة واحدة يعيشون و يفترشون وطنا واحدة و تلتحفهم سماء واحدة و يتحدق بهم مصير واحد مشترك ان يشاركو في انتخابات برلمانية قادمة نزيهة و حرة و اتمنى من مؤيدي و مناصري الاسلاميين من جماعة إخوان مسلمين و تيارات اسلامية سياسية اخرى ان تشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة لتاخذ دورها الحقيقي و الطبيعي المتمثل في حماية الوطن و مصالحه و عدم الناي بالنفس حتى لا يؤخذ عليهم انهم تقاعسوا عن نصرة الشعب المصري .