هواة الجراحات العاجلة!

تم نشره الثلاثاء 16 تمّوز / يوليو 2013 02:10 صباحاً
هواة الجراحات العاجلة!
خيري منصور

ما حدث عربيا خلال ثلاثة أعوام وتعددت مسمياته من الربيع الى الثورة والانتفاضة والتمرد أدخل أمة برمتها الى الطوارىء وفي غياب الاطباء الاخصائيين في الجراحة تولى ممرضون وممرضات وعمال نظافة اجراء عمليات دقيقة للاعصاب والدماغ والقلب، فانتهى المشهد الى ما نحن عليه الآن، وهو موجات متعاقبة وقد تكون عارمة لكنها لا تصل وما ان تلامس اليابسة حتى تعود.

فهل كان السبب المباشر هو غياب السياقات الفكرية ودور النخب في اصلاح البوصلات المعطوبة؟ أم ان اندلاع البراكين من باطن المجتمع الذي يجهل معظمنا صفائحه الجيولوجية وما تراكم وهجع فيه من المكبوتات هو الذي حذف الشعرة بين الثورة والفوضى، وبين تغيير الى الافضل وتغيير الى الارذل؟

قلنا من قبل وسخر منا هواة الكتابة الموسمية ان افضل تحليل لما حدث جاء من خارج عالمنا العربي وبالتحديد من كاتب اسباني هو غواتسيلو الذي قرأ هذا الحراك الذي راوح بين العمى والحول في ضوء الرؤى الخلدونية وما كتبه ابن خلدون استباقا عن صراع البدونة والتمدين، وقوى الشدّ الى الامام مقابل قوى الشد العكسي الى الوراء.

والتبسيط الذي قرىء من خلاله هذا الحراك العاصف ليس مخلاً فقط بل هو أشبه بنوبة صرع أصابت الناس عندما فوجئوا بما لم يكن في الحسبان، لهذا كان على هذا الحراك أن يبقى بلا رؤوس لفترة طويلة، وان يسود فيه التفكير الانفعالي على اية عقلانية، اما النخب التي كانت تتمتع بعطلة طويلة مدفوعة الأجر، فقد راوحت هي الاخرى بين الاسترضاء والصمت، الاسترضاء للشارع الذي يمارسه ديكتاتورية ايضا والخشية من ابداء الرأي في واقع متوتر ومشحون بالتخوين الفوري والتصنيف الوطني وفق أغبى حاسوب عرفناه في تاريخنا.

ان طغيان الشارع المنفعل ينافس احياناً طغيان نظام استبدادي بحيث يجد المرء نفسه بين أمرين كلاهما مر، ولأن العقل السياسي العربي سجين ثنائيات فهو لا يعترف بأي بعد ثالث..

وجربنا ذلك مراراً، بدءاً من احتلال العراق، حين بقيت المساحة شاغرة بين الاستبداد المحلي والاحتلال الخارجي، فمن يقاوم الاحتلال يدرج على الفور في قائمة المدافعين عن الاستبداد.

ان ما لحق بهذا الحراك رغم مشروعيته الانسانية والوطنية من تشوهات كان معظمه من جراحات الطوارىء العاجلة! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات