إلى متى حصار المبدعين في عجلون؟..
بداعي التمرّد والإصرار على أن يظلّ شامخاً كسنديانة عجلونية، يستند المبدع العجلوني إلى إرث ثقافي وإبداعي، يتحدّث بزهو عنه وعن سيرته، ويدفعه التحدّي لاجتراح المزيد من الإبداع الحرّ الجريء والمشاكس ، حتى يظلّ إرثه ومنجزه الإبداعي شوكة مُرّار في حلوق المدّعين؛ فالحصار المفروض على بعض المثقفين والمبدعين ونشطاء العمل الثقافي والاجتماعي في عجلون ما زال مستمرّا ولا مبرّر له، حيث التصفية الإبداعية الممنهجة وسيلتها معهم، عن طريق الإقصاء والتهميش والإبعاد والنفي والجور والاستغلال والإحباط وعدم الاعتراف؛ تلك السياسة البعيدة جداً عن الأخلاق وشرف المواجهة بين الفرسان، والتي لم تؤثّر حتى على إبداعهم وكتاباتهم وتواصلهم مع الثقافة التي تعايشوا معها وعشقوها بدافع تطوعي نابع من حبهم للثقافة والمثقفين الذين هم من أعلى المراتب التي تخدم الوطن والمواطن من خلال التعبئة التوعوية والتثقيفية وليس كغيرهم ممن لم يكن لهم حضورا إلا بدافع الأجر .
وفي الجهة المقابلة يجري الاحتفاء ب أدعياء الثقافة ومتكسّبي الأُعطيات، ويجري التعتيم على فعاليات "عجلون مدينة الثقافة الأردنية"، وعزوف الكثير من المبدعين عن المشاركة أو حتى الحضور بسبب الإمعان في تهميشهم وإقصائهم والعمل على إحباطهم وتطفيشهم من عجلون والاحتفاء بالغريب والهجين على حساب المبدع المحلي: (العجلوني) صاحب الإبداع الحقيقي الذي يكافح من أجل إثبات حضوره وكفاءة مُنْتَجَه؛ وهناك من لم يعجبهم الانتقاد المستمر لحالة البؤس الثقافي في عجلون ، ولم يعجبهم الوقوف بشراسة الفرسان الصعاليك النبلاء بوجه من أرادوا أن ينضمّ المبدع إلى جوقة المطبّلين التي تعلي من شأن الانجازات الوهمية، ويرفضُ كل أشكال الابتزاز والتهديد والعنف الثقافي ضدّه وضد من يقف معه، ويُزعجهم أن يهدر المبدع بعالي الصوت متسائلاً عن المسئول عن هدر طاقات مبدعي ومثقفي محافظة عجلون الخلاّقة، ونفيهم وإحكام الحصار والظلام على أحلامهم، وعن المستفيد من وراء قمعهم والحجر المفجع على إبداعاتهم ورميهم في مغاور النسيان، وعن المسئول عن تردّي الحال الثقافي في المحافظة، وغياب الإدارة الثقافية؟؟؟، فحالة البؤس الثقافي هذه تحتاج إلى قرار جريء لوقفها؛ تلك التي عملت على تكريس الرداءة بتبنّيها لثقافة الإقصاء والتهميش والبذاءة، فعجلون التي تمرّ بحالة بؤس ثقافي نتيجة استشراء حالة التقفيع والتكسّب التي يتم استبعاد المبدعين من الفعاليات المختلفة، وعبر التجاوزات والاهانات والاقصاءات والتهميشات وإلغاء المبدعين الحقيقيين في المحافظة، تدعو المبدع ليظل يصيح: لا عزاء ل - مبدعي عجلون – وهم يصيرون إلى التشظّي والتصدّع والانهيار ، بفعل عوامل القهر والاستعباد التي تمارس عليهم وبفعل استباحة آمالهم وآلامهم ومصادرة أسئلتهم وفرض الإقامة الجبرية عليها، تمهيداً لتصفيتها، فالمبدع الذي يُلغى دوره في المجتمع ويُلجَم صوته إنما يعزز ذلك من فجائعية إحساسه بخراب العالم الخارجي وفساد الحياة الإنسانية، ويكرِّس إحساسه الثاوي بعبثية جدوى الاستمرار بفعل الكتابة، وبأنه مقهور وعاجز عن تغيير واقعه نتيجة الضياع والسلبية في الوسط الثقافي وتفكيك الروابط الإنسانية التي من شانها أن تدعم قوى الفكر والإبداع وتوليه جُلَّ اهتمامها ورعايتها، مما يثبّط اندفاعه ويخدِّر إمكاناته الإبداعية باللاجدوى، ويصير الفعل الإبداعي عنده رديفاً للفعل الجرمي بمختلف مظاهره المرضية، فتنتشر تبعات العنف والإرهاب الفكري ليفرغ الإبداع من مضمونه الإنساني وتشيع السلبية والخنوع والحيف والجور واللامبالاة.