أنانية الطفل مشكلة قد تتفاقم مستقبلاً الى سلوكيات مرضية
المدينة نيوز- تظهر الأنانية عند الأطفال عندما يبدأ كل منهم الاهتمام بنفسه وبمصالحه الشخصية فقط , دون الشعور او الانتباه إلى حاجات ومصالح الآخرين وفقا لمتخصصين .
ويضيفون ان الطفل الذي يتصف بسلوك الأنانية هو الذي يحب ذاته كثيرا ومن حبه لذاته يريد ان يكون حب الأهل واهتمامهم مركزاً عليه , وقد تتحوّل أنانية الطفل إلى مشكلة تعجز محاولات الأهل في الحدّ منها ، لتتّخذ مع تقدّمه في السن أبعاداً أكثر عمقاً .
والدة الطفل (ريان) وعمره ثلاث سنوات تقول انه من الصعب جدا التفاهم مع طفلها لأنه يريد ان تكون والدته له فقط , فلا يسمح لاشقائه الذين يكبرونه بسنوات من الاقتراب منها , فهو أناني جدا تجاهها .
وتقول والدة الطفل (ساهر) وعمره 4 سنوات ان طفلها يعاني من أنانية مفرطة تجاه العابه وممتلكاته , ولا يسمح لأصدقائه مشاركته اللعب بألعابه مع انه يسمح لنفسه بإستخدام العابهم , اما هم فلا يستطيعون ذلك , وانها تواجه مشكلة في التعامل مع هذا الامر الذي سيؤثر على طفلها إجتماعياً مستقبلا .
الدكتور حمزة ربابعة من قسم الارشاد النفسي في جامعة اليرموك يقول ان الطفل الذي يبلغ عمره اقل من 3 سنوات لا تطلق عليه صفة الانانية , انما في علم النفس يطلق عليه ( التمركز حول الذات ) ذلك لنتيجة القصور في العمليات المعرفية والوعي عند الطفل .
ويضيف ان الطفل يعتقد انه عندما يفكر في امر فان من حوله ايضا يفكرون فيما يفكر، واذا شعر بشعور معين فان الجميع يشعرون بما يشعر , فمثلاً عندما يهدي والدته لعبة يحبها كثيرا فإنه يكون متأكداً من ان والدته ستحب هذه اللعبة لأنه يحبها وهذا يقاس على جميع تصرفاته .
ويتابع ، اما اذا استمرت هذه الحالة بعد عمر الثلاث سنوات فتتحول افعاله الى ( انانية) وصفة الانانية لن تقتصر فقط على تفكيره , انما تصبح سلوكيات واتجاهات كأن يميل الطفل الى الاستحواذ على ممتلكات الاخرين وهو يعلم بانها ليست من حقه .
ويقول ان من بين اهم الاسباب النفسية لدى الطفل في ذلك , قصور العمليات المعرفية والتنشئة الاجتماعية كالدلال الزائد واسلوب الاتكال على الغير ، والسياقات التفاعلية حيث ان الطفل الوحيد يميل الى سلوك الانانية لأنه لا يوجد من يشاركه في العابه او والديه ، وايضا حالات نمذجة اي تقليد الكبار الذين يتصرفون بسلوك انانيّ ولا ننسى دور وسائل الاعلام والتأثر بها.
ويقول استاذ علم الاجتماع التربوي في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي ان الأنانية تظهر عند الأطفال عندما يبدأ كل منهم الاهتمام بنفسه وبمصالحه الشخصية فقط وبدون الشعور او الانتباه إلى حاجات ومصالح الآخرين .
ويضيف ان هذا سلوك خطير اذا بدأ الطفل يمارسه منذ سنوات العمر الأولى خاصة في فترة الطفولة المبكرة والتي تمتد من السنة الثالثة الى السادسة من العمر ، ويطلق عليها مرحلة ما قبل المدرسة ، وتستمر مرحلة تعلم الطفل الانانية اذا مارسها في هذا العمر الى باقي المراحل العمرية المتقدمة اذا لم يكن هناك ارشاد وتوجيه من قبل مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تتقدمها الاسرة التي يكون فيها الطفل مستجيبا لعمليات التفاعل الاجتماعي .
اذ يكون كما يقول مقلدا للاسرة فهم بالنسبة له القدوة والنموذج ، فالطفل الأناني هو ضحية للبيت الاناني والتربية الخاطئة , فكل فرد في الأسرة يهتم بنفسه فلا يجد من يهتم به من أفراد الأسرة ، بل إن اشقاءه يأخذون منه ما يمتلك فيعيش محاربا للدفاع عن حقه لإثبات ذاته بين أفراد الأسرة ومن ثم يكتسب الأنانية.
ويشير الخزاعي إلى أن عدم اهتمام الأسرة بالطفل ، وتفكك الأسرة والانفصال العاطفي بين الزوجين وكثرة حالات الطلاق كلها عوامل تؤثر على نفسية الطفل وتلازمه في محطات العمر المستقبلية .
وفي هذا الصدد يقول هناك سلوكيات سلبية خاطئة تمارس امام الطفل مثل عدم الانفاق عليه او البخل , وحرمانه من اشباع رغباته والتي تكون بسيطة جدا مثل شراء الالعاب او الخروج بنزهات , او ممارسة العنف اللفظي او الجسدي ، او التدليل الزائد للطفل والاستجابة لكل متطلباته دون التفريق بين متطلبات ورغبات الاطفال المعقولة .
ويقول الدكتور ربابعة ان من بين الحلول التي يمكن اتخاذها لمعالجة الانانية عند الطفل هي العمل الجماعي او التعاون في اللعب مع اصدقائه وتشجيعه على المشاركة في التفاعلات الاجتماعية بالمناسبات والاعياد الرسمية واهتمامه بالاخرين وان يتعلم اساليب التنشئة التعاونية والمسامحة والديمقراطية التي تعزز روح الجماعة والعدالة بين الاطفال عن طريق إلقاء بعض القصص الشيقة التي تحث على ذلك .
تقول الدكتورة نوار الحمد من قسم تربية الطفل في جامعة اليرموك ان الطفل في مراحله الاولى يتمركز حول ذاته , فمثلا عندما يبلغ سن الرابعة قد يظهر للآخرين انه منشغل عنهم بأن لا يسمعهم اذا نادوا عليه او لا يلبي طلباتهم بحيث يشعر انه قد كبر وأصبحت لديه خصوصية وهذا وضع طبيعي .
وتضيف، أما الزيادة في الأنانية في اللعب مثلا فهذه حالة تحتاج إلى إدراك من الأهل لأنها غير صحية ولها في المستقبل عواقب وخيمة ومن الافضل حلها من خلال حرمان الطفل من اللعب مرة ومرتين ثم العقاب .
وتقول انه يجب منع الطفل من اخذ الاشياء التي ليست من حقه من خلال معاملته ( بالحزم ) وليس ( الضرب ) وحرمانه من الامور التي يحبها كالتنزهات او اللعب , وهذه الامور ستكون قاسية بالنسبة له ما يشعره بقيمتها ، وايضا تعليم الطفل على اخلاقيات اللعب والتعامل مع الاخرين وتربيته على ان يتحمل المسؤولية وان يعرف ويميز بين الخطأ والصواب لكي لا يقوم بسلوكيات سلبية كالسرقة مثلاً .
( بترا )