ذكرياتي .. عبين عبلين
عبين وعبلين أنت بخاطري**حلما جميلا أنت كل خواطري
قد كنتُ أمرحُ في سهولك تارةَ **أو صاعدا فوق الجبال بمغردي
ولهوتُ أبحثُ عن طيورِ عشعشت**وبفخة نُصِبت لصيد طريدتي
أو كنت أرتقب المزارعَ إذ أوى**عند الغروبِ لبيته والمسجد
فأغير مع صحبيْ على بستانه**مُتسلقا تفاحها واللوزة
وبسرعة كاطيرِ أقطف حسنها**وأعود مزهوا وأملأ جيبتي
كم مرةِ جاء المزارع خلسة**فنفر منه ومثلُ طير (السّوّد)*
وإذا المساء أتى جمعنا بعضنا**في حينا نلعبْ بلعبة (شرّة)*
في ركن حوش كان يجمعُ شملنا** كرةً من الكتانِ (سبع حجارة)*
تعلو بها أصواتنا وهتافنا**وشجارنا فنُثير حُنقَ الجدّة
ويجيء عبدالله عمي غاضبا **فنفرُّ من وجه العصا للخيمة
أما الدراسةَ في المدارس قصةٌ**حدّث ولا حرجا بسرد القصّة
نرمي الحقائب ثم نجمع بعضنا**يا ربعنا هيا للعب (الكيزة)*
في الثلج في عبين أنصب فخّة**يا حسنها كمشت (دويري )*فخّتي
أو ربما بعض الليالي صادفت**وكمشتُ (سمّنة) فزادت فرحتي
أو كنت أذهب للجبال مسلحا**بارودتي لا تخطئن فريستي
(القبره )و(السوده)و(الحمره)**لا فرق حتى لو غرابٍ أسود
حُلُم المراهق قادني وبصحبتي**نفرٌ من الخلان نلتُ سعادتي
في عشق فاتنة أتت يوما إلى**نبع المياه لملءِ تلكَ الجرّة
أصبو إلى عبلّينَ كلّ صبابة**في نبعها عشقٌ وفيها قِبْلتي
وبأهلها فخرٌ وحسنُ خِلالة**علمٌ وحلمٌ فوق كل جهالتي
من لوزها المخضرّ تنسج روضة**من ماءها تسقي العطاش فيرتوي
عبين , قد حان الفراق لتسكني**في خاطري إني أسافر من غد
وتركت تلك الذكريات تهزُّني**إني لنهل العلم أترك قريتي
وكبرت والحلم الصغير بخاطري**وهجرت سهلك والجبال وصحبتي
وسكنت في عمان بعد غيابة**والشوق يا عبين نحوك ما فتي
آتيك في الأسبوع يوما , مسرعا**حتى تحين صلاةَ يوم الجمعة
أو يومَ عيدٍ في رحابك زائرا**ومهنئا بالعيد إبنة خالتي
حتى الزيارةُ قد غدت حُلما أبى**أن يستبين على مشارف عُزْلتي
سرقت سنينُ العمرِ مني فرحتي**في غربة للنفس فوق الغربة
في كل عام كنت أقسم أنني **سأعود لكن الرياح تخونني
حتى هرمت وشاب شعر مفارقي** لكن نفسي لم تزل كطفولتي
أصبو إلى عبين توق مفارق**شوقا لكل معارفي وأقاربي