"فليحذرِ الّذين يخالفون"
ان ينابيع الخيرية موجودة في الامة وهي كامنةٌ في بعض نواحيها ظاهرة دافقة في نواح اخرى وهذه الينابيع تحتاج لمن يفجرها ويوجهها وحينها سيرى العالم الطاقة الفائقة التي تمتلكها هذه الامة . ان الامة العربية الاسلامية مَبْعَثٌ للفخر والتفاؤل والامل فبالرغم من الفرقة والتشرذم وازدياد عدد الدويلات وانقسامها إلا أنها تبرهن - كعادتها – أن كلَّ ما قد ران على قلب وحدتها وحيويتها وأخوتها وتواصلها وتداعيها كالجسد الواحد عند الألم كل ذلك تزيله لمعة سيف أو صرخة في مشرقها أو مغربها فتهب الامة وتستعيد نشاطها فتخالها أسدا قد خدر لفترة ثم أفاق فوثب إلى جانب إخوانه قإزداد بهم عزة كما ازدادوا به عزا إ نَّ الأمة العربية الإسلامية أمة الطاقات الكامنة الفائقة لكن معاول الهدم دفنت تلك الطاقات وحجبت عذوبة نبعها الذي كان شديد الزحام فأصبح العالم لايرى مصدر الماء والخضرة والخيرية بل إن العالم لايرى في الأمة إلا قاعا صفصفا لا يرى فيها تقدما ولا نفعا أينما وجهت هذه الأمة لا تأتي بخير وهي في حقيقتها كالبحر في أحشائه الدرُ كامنُ وما غاص من روَّاد الحقيقة والسياسة والقيادة أحد حتى يبلغ المستوى الرفيع الذي تتربع على عرشه فيرى ما تكتنزه الأمة من خير وتقدم وعلم وسمات إنسانية عظيمة ولو وجدت الأمة معولا يحفر ( فينبش) طاقاتها وخصائصها العظيمة لصارت قائدة ورائدة للأمم .
هيهات كل الخناجر التي في أضلع الأمة وبين أبنائها أن تكون سببا في الفرقة وديمومتها فهي ولاشك تؤذي جسد الأمه وتؤخرها بكل طعنة اعواما عن ركب الأمم ولكنها لن تصيب منها مقتلا أبدا بل أقل من ذلك فإنها لن تصيب قلبها النابض بالحب لكل أبنائها وللعالم والإنسانية جمعاء ولن تنال من الإيمان والأمل الكبير في داخلها بضرورة الوحدة والتآلف والتعاضد من أجل تقديم الخير لأبنائها وللإنسانية .
إن الدروس التي وقف عليها العالم على أيدي أبطال تونس أم الثورة المعاصرة ومصر أم الدنيا وليبيا أم عمر المختار , إن تلك الدروس جديرة بالوقوف والتمعن وأخذ العبرة منها ،واستثمارها والولوج الى جوهرها،والتغاضي عن هِناتٍ لا بد لكلِّ سائرٍ على الطريق من الوقوع بها0
فالدروس كثيرة والمُتَّعِظُونَ كُثرٌ إلاَّ فئةٌ أخذتها العزةُ بالإثم وران على قلبها ما تكتنزُ في سويسرا أو اوروبا 000أو 00
فالدرس الأول :أنّ نار الشعوبِ لن تُخْمَدَ وإنّ تحت الرماد جمرا سيحرقُ كلَّ الأصابع التي تمتد لتنال من عزة وكرامة وقدرات الأمة أو تمتد لترغم أنفَ الأمة ،وتقتلُ أنفتها0
وإنّ الشعوب الأكثرَ صبرا –كالشعب المصري مثلا- هي البركان الأكثر انفجارا ،لإنّ طول الصّبرِ كان استجماعا للقوةِ والضغط في طبقات الأرضِ ،حتى إذا ما وَجد فوهَتَهُ بين طبقات الأرضِ التي أضعفها التجبّرُ والتسلطُ والتكبرُ والتعالي والظلمُ والإستغلال والإستهتارُ مع الإستكبار في الأرضٍ ،نعم اذا وجد فوهته بين طبقات السوءِ التّخِمةِ بكل شيئ إلا خصالَ الخير والعدل والرحمة والإنصاف ، أوخصال الحاكم الحق،انفجر البركان فأتى على الأخضر من أغصان الأعوان الذين لم يَضْلَعوا في ظُلمٍ ولكنهم لم يصدعوا بحقٍ،وأتى على يابسٍ قَفْرٍ ممن وَلِيُوا أمر الأمةِ فغفلوا عنها00
إنّ البركان ينطقُ بقول المتنبي وكأنما يتحدثُ عن الشعوبِ العربيةِ اليومَ:
ألامُ على ما يُوجِبُ الحبَّ للفتى وأهداُ والأفكارُ فيَّ تَجُولُ
نعم يعادى الناسُ لحبهم وإخلاصهم وولائهم، ويهدأُ بركانُ غَضبتِهم والنيران تجولُ في داخلهم وتغلي وترتفعُ نارُها0ربما تهدأ الشعوب وهي جمرٌ علاهُ رمادُ ناعمٌ غرَّ الولاةَ والطُّغاةَ، فأخذوه بأيديهم ليقذفوا به ابناءَ الموقد ذاته ،فأحرقَ أيديَهُم وبُهِتُوا بما رأوا فنظروا حولهم ،هل من مُعينٍ؟؟ فلم يجدوا أحدا، ثمَّ نظروا في سجلاتِ حياتهم هل عملوا من خيرٍ ورحمةٍ وإحسانٍ بين شعوبهم؟؟؟ فلم يجدوا إلا سود الصّحائفِ :عنوانها العمالةُ،وأسطُرُها الإضطهادُ ،وتكميم الأفواه، ولكن هيهات لفوهة البركان أن تُكَممَ!!1 وخاتمة الصحائفِ:أنهم أسودٌ بين ابناء الأمةِ وعليها،فبأسهم شديد، وعزمهم حديد،ولكنهم كالنعام أو الحمام مع الأعداءِ، تراهم أشدآءَ على المؤمنين، رُحماءَ على أعداءِ الأمةِ...
الدرس الثاني . شر الناس من لا يعتبر إلا بنفسه,, فخيرٌ أن يقرأ البعض : ( إن ارضي واسعة ) قبل ان يقرأوا * حتى إذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم ...
الدرس الثالث . أن من مواطن الضعف في الامة وثوراتها هو أننا نبدأ الحركة ومن دون ان نضع خطة لما وراء الحركة والثورة ومن اولويات الخطة أن تحدد الهدف والوسائل والقيادة التي ستوصلنا للهدف وترعى شؤون أوطاننا إلى أن نبلغ ذروة التغيير الذي نرجو ونضحي من أجله , لأن التضحية يجب أن لا تضيع سدى .
الدرس الرابع . إن عزة الامة في دينها , وان مكمنَ القوة في الاعتصام به,وأكتفي بجزيئةٍ يسيرة صغيرة لكنها عظيمة,
وهي رمزية يوم الجمعة في الثورات في تونس ومصر وغيرها ... فكنا نرقب الجمعة للجمعة لنرى ماذا سيحدث من تطورات . وهذا يدل على حكمة الجمعة والاجتماع فيها فهي من اسباب اجتماع الناس بشكل تلقائي , ودون دعوة لأنها حتى في الايام العادية سبب في اجتماع الناس لأداء صلاة الجمعة الجامعة .
والجزئية الاخرى : هي تنظيف ساحة ميدان التحرير بعد الإحتجاج , والثورة , حتى قال بعض القادة الاوروبيين الكثير من الثناء في حق هذا الشعب العظيم . وقيل / لم نرى شعباً في العالم ينظف ميداناً للثورة والإحتجاج كما رأينا في مصر , ولم ير العالم شعباً يقوم بدور الأمن , وتنظيم السير , وتسيير نواحي الحياة كما حصل في مصر الغالية . ولم ير العالم شعبا يرعى ويحرس ثروات الامة كما فعل المصريون ويفعلون الان 0
الدرس الخامس: . عظمة مصر وشعبها تتجلى فيما ذكرت في النقطة السابقة , وفي روح الفكاهة والصبر,والغناء, اثناء وجودهم في ميدان التحرير حتى احتار الناس على أي صعيدٍ يرصدون ما يجري في الساحة المصرية.
إما الشعب التونسي فكان الرائد للإمة في كل ثوراتها , فقد بدأ الحراك من تونس وامتدت دائرة النور والتغيير إلى المجتمع العربي وكشفت ألأحداث عن الروح المعنوية العالية للشعب الليبي , وعن النزعة الدينية الأصيلة بين ابناء ذلك الشعب العظيم0
الدرس السادس / أن الانسان العربي لا بواكي له .
فقد تعرض النازحون من ليبيا ويتعرضون لما يشيب لهوله الولدان ويقول الشاعر بالألم والأسى ما قاله الشاعر العربي:
لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ إنْ كان في القلب إسلامٌ وايمانُ
يلتحف النازحون السماء ويفترشون الارض , ويغتسلون في العراء وتلفح وجوههم شمس الصحراء , ويلسعهم بردها , ولا يتحرك ساكنٌ من قبل امتهم أو العالم , في حين جاءت طائرات للرعايا الاجانب ونقلوا إلى اوطانهم بكرامة وإحترام , وعظم الله أجرنا في الجامعة العربية التي لم تعد تمنحُ حتى الشهادة الاساسية في الانسانية والاخوة العربية .
الدرس السابع . هو ايضاً دليل على عظمة الاسلام والروح التي ينفحها في الامة , فتكون فعلاً جسداً واحداً يشعر بالألم ذاته اينما حلََ في أطرافه .
الدرس الثامن:. الدور التركي الرائع , والعظمة التي يتمتع بها حكام تركيا فهم بحقٍّ حكام يأخذون بيد الأمة وبيد دولتهم إلى معارج الرقي والتقدم,والعزة والكرامة، ألم يفعل ذلك أوردغان حينما ترك المؤتمرين في"دافوس" في موقفٍ بطولي رائع , الم يدافع عن غزة طيلة ايام العدوان عليها ألم يجرؤ الحكام الأتراك في عهد الصمت العربي والخذلان العالمي تجاه اسرائيل ؟؟ ألم يكشفوا سوءتها للعالم ؟؟
إن حكام تركيا أجدر حكام العالم بالاحترام والتقدير , فهم الذين يضمدون الجراح ويقيلون العثرات , ويقودون افضل وأجمل المبادرات :
فها هو الرئيس التركي عبد الله غول يبادر ليكون أول رئيس دولة يزور مصر بعد رحيل مبارك , فإي نبل أعظم من هذا وأي موقف رجولة ابدع وأروع من هذا اللهم إلا موقف أوردغان حين نصح مبارك بأن آخرتنا جميعاً الى قبر صغير , وإن شيئاً لن يدوم , ونصحه بالرحيل والحفاظ على شعبه واحترام إرادته ورأيه .
أليس من حق اخوانا في مصر وتونس أن نسعى بينهم بالحسنى ونعينهم في أزمتهم ، ونأخذ بأيديهم حتى يستووا على صراط الحياة المؤسسية المثلى .
لقد فات الكثيرين هذا الموقف الاسلامي ,, القيادي والبطولي إن من الحنكة في القيادة أن تبادر بالمواقف التي يرضى عنها الله , ويحبها الناس , وتنم عن صلة الإرحام بين ابناء الأمة .
أين المؤسسات والأحزاب . اين دور العلماء والمثقفين،الحقيقيين000اين دورنا كمواطنين تجاه بعض من يسمون بالفنانين الذين خذلوا الامة في ثورتها كما اوقفوا حياتها في دورتها!!1 ولكننا نقول لهؤلاء وغيرهم ممن يركنون الى الذين ظلموا من الحكام:
إنَّ سيل وفيضان الشعوب اقوى واعتى من سدود الساسة والسادة واصحاب المصالح الضيقة الانانية،ولسوف يجرفهم واعوانهم وليتبرانّ الذين أُتبِعُوا من الذين اتبعوا،وليلومنّ بعضُهم بعضا ويندمون ولات ينفع الندم"00سَيُهْزَمُ الجمعُ ويولوُن الدبر بل الساعةُُ موعدُهم والساعةُ أدهى وامر""
الدرس التاسع . أن الاحزابَ في الوطن العربي والإسلامي على أختلافها يُمنةًً ويُسرةًً , تفتقر للمنهج والمبادرة , والخطط , وهي للأسفِ مصنع للشخصيات وتلميعهم ،مع أنّ الأجدرَ بها أن تتبنى سياساتٍ وخططاً لتطوير المجتمع , وخططا للطارئ من المواقف , وأخذ زمام المبادرة , والإضطلاع بالدور الذي يعكس الإخلاص والمواطنة الصالحة , والإخلاص للأمة ومبادئها وتراب الوطن , بعيداً عن الرياء وصناعة الأشخاص وإعدادهم للإنخراط في سلك الأنظمة ومن ثم تحييدهم ، وبالطبع فإنا لا أفترض أن يكون الحزب خارجاً عن النظام بالضرورة لكنَّ النظام له شخصية والحزب له شخصية خاصة مستقلة . ويجب ان لا تذوب الشخصيات فتختلط الأدوار وتتلون المبادئ بتلون ربطات العنق أو القلادات الوزارية .
لقد أثبتت تجربة غزة وثورة تونس ومصر وليبيا أن على كل الامة ساسة وشعوباً واحزاباً ومؤسسات أن تعيد حساباتها , وتعمد إلى نقاط القوَّة فتثريها وترعى نبتها وأن تبحث عن نقاط الفرقة والضعف وعمن يروي جذرها فتحاصره حتى يرعوي إلى رشده أو أن تجفف روافد جذره وساقه وورقة وإلا فاستئصالا من جذره0
الدرس العاشر . ربَّ ضارةٍ نافعة
ربما ظن البعض أن المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية سببٌ لافساد الشباب ولكن المفاجأة كانت أنها وسيلة الإصلاح والتغيير والله على كل شيئ قديرٌ
الدرس الحادي عشر: . أنَّ الجيل الحالي يمتلك القدرة على التغيير والجرأة وأن الامل معقود عليه , فإن الخيرية في هذه الأمة مستمرة الى يوم الدين .......................................................................
واخيرا تحية للجيل الرائع ،ولميادين التحرير،وليوم الجمعة،وللفيس بوك،وللقارئ الكريم.........