نضال منصور يكتب: خارطة الدم بالعالم العربي
المدينة نيوز - كتب : - نضال منصور : - في رمضان شهر التسامح يبدو المشهد في العالم العربي أكثر اشتباكاً ودموية، وحالة التنافر والصراع تطغي على كل مفردات الوحدة والتعايش والحوار، ويصبح الحديث عن قبول الآخر "رجس من عمل الشيطان"، في بيئة سياسية واجتماعية قائمة على الإقصاء والتهميش.
العراق رغم مرور عشر سنوات على سقوط صدام، والتغني في ديمقراطية لم تولد، وترسخ الصراع الطائفي، فإن العبوات المتفجرة ما زالت تحصد كل يوم أرواح العشرات من العراقيين الذين لا ذنب لهم، سوى أنهم "تروس" في طاحونة الصراع بين الزعامات التي تسيدت المشهد العراقي.
وفي اليمن ذهب الرئيس علي عبدالله صالح بفعل الثورة والربيع العربي، وجاء رئيس جديد، وما زال حوار المصالحة عالق، واليمن يضيع بين حوثيين يكرسون انفصالهم، وجنوبيين "كافرون" بسلطة الشمال التي همشتهم وهشمتهم في آن واحد معاً.
اليمن السعيد تعيس، لم تحل الثورة مشاكله الاجتماعية والاقتصادية، وهو معلق ورهن الموقف الخليجي.
وفي سوريا، يلخص الموقف، مسلسل يعرض برمضان عنوانه "سنعود بعد قليل"، أشقاء وشقيقات منقسمون بين معارضة النظام وبين تأييده، وغالبية محتارة لا موقف لها، وضائعة بين حالة التجاذبات السياسية والمصالح، وتجار مستفيدين من حرب دموية تستهدف كل شيء.
لا يبدو في الأفق حل لما يحدث في سوريا، فالنظام لم يضعف ليسقط، والمعارضة غير متفقة وغير موحدة، والعالم يتفرج على مسلسل تصفية كل الأطراف على الأرض السورية، النظام وجيشه مع المعارضة بجيشها الحر، يضاف لهم كل المتطرفين سواء من تنظيم القاعدة أو جبهة النصرة، إنهم يريدونها مقبرة للجميع.
وفي رمضان اغتال سلفيون متطرفون المعارض وعضو المجلس التأسيسي في تونس محمد البراهمي، بدم بارد قتلوه، وتركوا بلد ثورة الياسمين تتخبط خوفاً من استمرار حرب الاغتيالات ضد المعارضين، فمن قبل أغتيل بذات الطريقة المناضل الشهيد شكري بلعيد، ورغم كل خطابات التنديد من السلطة الحاكمة بقيادة حزب النهضة، فإن شيئاً لم يحدث، وظل القتلة طلقاء، واليوم يعلن وزير الداخلية أن البراهمي أغتيل بنفس السلاح الذي قتل به بلعيد، ولكن السؤال الملح أين السلطة، وأين أجهزتها الأمنية، والأخطر، أليس هؤلاء السلفيون المتشددون هم من كانت تتفرج عليهم سلطة حزب النهضة يكبرون ويشقون عصى الطاعة؟!.
وفي مصر يتعمق الانقسام المجتمعي بين أنصار ومؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، وبين معارضيه الذين يرفضون حكم "الاخوان المسلمين"، والمشهد كل يوم يتطور باتجاه انقسام أكبر، فبعد عزل الرئيس مرسي، وتعيين رئيس مؤقت، وتشكيل حكومة جديدة، أُعلن عن حبس مرسي بتهم متعددة أساسها قضية هربه من سجن النطرون خلال ثورة 25 يناير.
من غير المعروف إلى أين تذهب الأزمة في مصر، وهل ستجد الأطراف السياسية أرضية مشتركة للجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات، أم أن التجاذبات تدفع الفرقاء إلى معركة كسر عظم؟!.
المراقبون للمشهد المصري يرون أن التصعيد سواء من الاخوان المسلمين أم من الجيش وحلفاؤه، هدفه الأساسي تحسين كل طرف لشروطه التفاوضية عند الجلوس للبحث عن حل.
على هامش ما يحدث، تتلخص أمنيتي بأن لا تراق دماء في بلد النيل، وأن لا تهزم الثورة لتحل سلطة مستبدة، وأن يفهم الجميع بأن التوافق هو الخيار المتاح لإنقاذ مصر من الاستبداد والإرهاب.
وفي رمضان أيضاً، يراق الدم في شوارع عمان، وتشهد منطقة ماركا مجزرة بشعة راح ضحيتها شخصين، هذا عدا عن الإصابات، وتفشل قوات الأمن والدرك في تطويق الأمر، مما استدعى لتدخل القوات الخاصة.
دولة القانون تستباح، والعصابات تريد أن تفرض سلطتها، وشعارات بلد الأمن والأمان التي نتغنى بها تصبح على ضوء ما جرى في خبر كان، فمن يمنع الانهيار في الأردن، ما دام هناك نار تحت الرماد.
هذه هي فسيفساء المشهد في العالم العربي في شهر رمضان .. هل تريدون أكثر من ذلك تفاؤلاً وتعايشاً ومحبة وسلاماً؟!.
كلنا نعيش على فوهة البركان، وعالمنا خارطة تتعمد بالدم .. من المحيط إلى الخليج!.