بين «نفير» وثورة... «قاعدة»

تم نشره الجمعة 02nd آب / أغسطس 2013 02:56 صباحاً
بين «نفير» وثورة... «قاعدة»
زهير قصيباتي

«يغرّد» وزير الخارجية الأميركي جون كيري ابتهاجاً بإعادة إطلاق قطار المفاوضات على طريق دولة فلسطينية، وسلام دائم. «صحوة» سلام مباغتة، ما دامت إدارة باراك أوباما مكتوفة اليدين أمام مجازر العالم العربي، تنكفئ عن الحروب، لكنها تتخلى عن المدنيين بين فكي الاستبداد وتنظيمات الإرهاب.

حيثما حلّ «الربيع العربي» تصحو «الدولة العميقة»، ومثلما كانت ساعة الإرهاب قبله ملائمة لتوقيت طغاة في جمهوريات بائسة بجنرالاتها، فجأة تصحو «القاعدة»، تنتعش عملياتها وسياراتها المفخخة تجول على دول «الربيع»، لتكمل مهمات «الثورة المضادة». أوليس تأجيج الانقسامات المذهبية بمذابح على الهوية، مقتلة لمشروع الديموقراطيات الذي ما زال يصارع تيارات امتطت خلسة أحصنة الانتفاضات الشعبية؟ أليس ذبح العسكر في سيناء وعلى الحدود التونسية- الجزائرية، واغتيال معارضين في تونس وتصفية ضباط في ليبيا واليمن، حلقات في سلسلة واحدة مع تفجير مساجد للسنّة والشيعة في العراق؟

... لكأن «الربيع» جدد مواسم الإرهاب، وعضلات «القاعدة» وأخواتها، فيما قبائل دارفور تتباهى بعدد الذين قتلتهم، وقبائل الإرهاب في سورية لا تتوانى عن تصفيات جماعية لجنود أسرى، لا تقل بشاعة عن إبادة طيران النظام عائلات خطفها الذعر في الخالدية بعد القصير.

وإذا كان السؤال مع هجمة السيارات المفخخة ضد السنّة والشيعة في العراق، هل ما زال بيننا من يشكك في وهم ادعاء الأميركيين انتصاراً على «القاعدة» بقتل أسامة بن لادن... فالسؤال الأهم أن ما يُراد لدول «الربيع العربي» من سقوط في أفخاخ الصراعات الأهلية والحروب التي تمهد لها نزعة الاستئثار لدى التيارات المستغِلّة للدين، تكمله «القاعدة» في العراق كما تنجزه «جبهة النصرة» و «الجهاديون» الجدد في سورية.

لغة القتل إذاً برصاص الاستبداد أو رماح الإرهاب، واحدة. واغتيال المعارض محمد البراهمي بعد شكري بلعيد في تونس، إن كان يقرع جرس الإنذار لحزب «النهضة» للتخلي عن قتل الأمل لدى جيل الثورة، فما يروى عن ذبح جنود بعد قتلهم على الحدود مع الجزائر، يضع تونس وليبيا بعد مصر في مواجهة كبرى مع «القاعدة» وحلفائها... بل يضع مصير الدول الثلاث ووحدتها في مهبّ رياح مشبوهة، لقتل الثورات أو تفتيت المنطقة بعد تحويل انتفاضات «الربيع» فتيلاً لحروب أهلية.

على «اللعبة الخارجية» يتكئ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في تفسيره لما حصل في بلاده من احتجاجات، وما تشهده سورية والعراق ومصر، لأن الأسباب الداخلية ليست مبررات كافية. وهكذا يكرر أردوغان ما كان فنّده من طروحات للرئيس بشار الأسد الذي تحدّث عن خوض «حرب كونية» على الأرض السورية، فيما لا يمكنه تبرير قتل مئة ألف سوري بذريعة «الصمود» أمام «المؤامرة»... ولا إلقاء البراميل المتفجرة على الأحياء السكنية، ليخليها مقاتلو «الجيش الحر».

وبافتراض تآمر «القاعدة» على أنظمة ما بعد ثورات «الربيع»، ألا يكون عصر «صحوة القاعدة» مدعاة تبصّر لدى الحكّام الجدد الذين لا يمكنهم تغطية الاستئثار وإقصاء المعارضين بسيف الاقتراع، ثم البحث عن جذور العنف «المباغت»؟

كانت تجربة «الإخوان المسلمين» مريرة لهم ولجميع المصريين، ولكن لا شيء بعد يبشّر بأن الشركاء الآخرين في «الربيع» استوعبوا الدرس. والحال أن الحاكم في قصر استبدادٍ جمهوري بائد، يتوهم أن كل مظاهر العنف ومواكب النعوش اليوم، عابرة طارئة، فيما القتل والتوحش يتحوّلان حدثاً يومياً... معهما لا يمكن لخريف المجازر وشتائها إلا أن يستمرا بين قاتل وضحية، كلاهما مسلم في غالبية الكوارث.

... وتبشّرنا «القاعدة» بـ «صحوتها» الناهضة في العراق وشمال افريقيا، بمزيد من الدم وإزهاق أرواح ليس بينها أميركي أو إسرائيلي. في الحملة الجديدة للتنظيم المبرمجة رداً على «سوء معاملة السنّة في العراق»، ضحايا شيعة وسنّة سقطوا بـ «بطولات» القاعدة في شهر رمضان.

عيّنة أخرى من مصر بعد 30 يونيو (حزيران)، أن يُحشَر مدنيون ويُحرقوا أحياءً، لخلافٍ لا علاقة له بالثورة الثانية ولا بـ «الإخوان». لكنه التوحش ذاته في بلاد الرافدين وأرض الكنانة، أم التسامح. لكأن الجميع يتساوون في «غريزة» الغاب، بعدما سقطت مقولات العدالة الانتقالية، وحكم القانون.

ومصر اليوم الحائرة على ضفاف الثورة، ليست تونس ولا ليبيا، وليست على كف الميليشيات. لكن المخيف أن يتجاهل مَن في السلطة، خطر سقوط الكيانات بين فكي خصوم الداخل، وحروب «القاعدة» وشركائها على الحدود.

وبين «نفير» من هنا وتعبئة من هناك، يحوّل «جهاديون» الثورة إلى فعل قتل لمجرد القتل، ولإبادة الأمل.

( الحياة اللندنية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات