إعدام أبيض للطفولة!

تم نشره الأحد 04 آب / أغسطس 2013 02:13 صباحاً
إعدام أبيض للطفولة!
خيري منصور

ملايين من أطفال العرب حفاة وعراة ويعيشون على الارصفة ويتسولون عند اشارات المرور، اضافة الى ضحايا الحروب الذين سرطنهم السلاح المحرم الذي جُرّب في أوطانهم.

وكأن هذا كله لا يكفي، لاستباحة وانتهاك الطفولة المهدورة والمغدورة، فقد جادت قرائح البالغين من أهلهم بمهمات جديدة منها استخدام الأطفال في المظاهرات ورسم الشعارات على جباههم وتحويلهم الى ببغاوات لترديد شعارات لا يعرفون معناها ولا يلثغون بحروفها الصمّاء، وآخر ما تفتقت عنه هذه العبقرية هو الاحتماء بلحم الأطفال، بعد أن تم استبدال ثياب العيد بالأكفان، فقد شاهدناهم يرتدون الأكفان أو يحملونها على ايديهم ويتقدمون المظاهرات.

مشاهد يتعذر وصفها، لأنها تجاوزت كل خيال، فالطفل الذي يعول عليه باعتباره ذخيرة المستقبل هو رهينة، فبعد استخدامه في تجارة الرقيق الآسيوية ومعاملته كالسخرة في أعمال يدوية شاقة يجري قتله أو بمعنى أدق وأده حياً.

وإذا شاء البالغون هدر حياتهم وارتداء الأكفان استخفافاً بالحياة وتحويل الموت الى مطلب قومي فهذا شأنهم، وقد حدث هذا بالفعل في ايران قبيل سقوط الشاه، لكن ليس من حق أي بالغ ان يستخدم الأطفال حتى لو كانوا من صلبه لأداء هذه المهمة، لأن كل قوانين وأعراف وثقافات البشر تحرم ذلك، اضافة الى العقائد، والمبكي بالفعل أن طفلاً في السابعة أو الثامنة قد يفرح بالكفن وكأنه بديل لقميص جديد يستقبل به العيد، لكن الكفن كما يقول مثل مصري بلا جيوب، وهذا تعبير عن أن الانسان عندما يموت لا يأخذ معه شيئاً من هذه الدنيا، لكن الأطفال الذين لا يدركون دلالة هذا المثل قد يتحسسون أكفانهم بحثاً عن جيوب لحشوها بالحلوى أو عيدية العيد، وهذا الاعدام الأبيض لا يبرره دين أو عرف أو اية غاية الا اذا كانت الغاية تبرر كل الوسائل بدوافع غريزية وميكافيلية لا كوابح لها ولا مصدات.

ما الذي جناه الطفل العربي كي ينافس أمه على هذا الشقاء الذي أصبح قدراً في كل العصور؟ وهل كان المعرّي قد تنبأ بذلك عندما قرر أن لا يجني على أبنائه.. ولهذا لم يتزوج؟، لكن شاعر المعرة لم يتنبأ بإعدامه عندما تدحرج رأسه في حرب الاخوة الأعداء.

كفى انتحاراً باسم الحياة ودفاعاً عنها، وان كان لا بد أن يواصله العرب على طريقتهم.. فليتركوا الأطفال بعيداً ويرفعوا أيديهم وأرجلهم وأكفانهم عنهم!

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات