«باب الحارة.. دراما تنتصر للأهل في غزة»

المدينة نيوز ـ ليس هناك من ينكر أن مسلسل باب الحارة قد حقق نجاحاً كبيراً عبر أجزائه الثلاث السابقة، والمتوقع أن يحقق الجزء الرابع الذي يجري عرضه حالياً نفس الأمر، فهو ما زال يحظى بنسبة عالية من المشاهدين، وحسب بعض المتابعات فإن جميع الذين تابعوا الأجزاء السابقة يتابعونه الآن.
غير أن الجديد الذي يمكن ملاحظته من خلال بعض المشاهدات، هو تراجع الحماس لمشاهدة المسلسل والحديث اليومي عنه كما كان يحصل سابقاً.
لقد حظيت الأجزاء الثلاثة السابقة باهتمام النقاد والكتاب، وكان الاجتماع أنها دراما ناجحة بالمقاييس الفنية، وهي لم تواجه بالنقد السلبي إلا قليلاً، في حين انطلقت الانتقادات للجزء الرابع الذي يعرض حالياً بطريقة لافتة، خصوصاً أنها جاءت سريعة وبعد عرض أول أربع حلقات فقط، حيث خرجت كتابات نقدية وغير نقدية وصلت إلى درجة الاتهامية والاستهزاء والمطالبة بعدم المشاهدة.
فما هي الحقيقة والدوافع للأمر، وهل حقاً أن الجزء الرابع محكوم عليه بالفشل سلفاً؟
لقد بدأ الجزء الرابع بنقل المشاهد إلى أجواء جديدة من مقاومة المستعمر الفرنسي، واستطاع الكاتب الجديد له أن يوظف التاريخ لخدمة الحاضر، وعلى هذا الأساس نجح بربط حصار الحارة الظالم بحصار غزة هذه الأيام.
وعن حق الكاتب والمخرج في إسقاط التاريخ على الواقع، وحقهما بالخيال الفني والتوظيف الإيجابي يقول الناقد الأردني صالح أسعد إن المسلسل نجح تماماً في التوظيف، وأن الطبيعي أن تكون في الدراما أجواء الخيال، ويضيف أن الدراما ليس عملاً توثيقياً كما هو حال الأفلام الوثائقية، وإنما هي أعمال فنية يجوز للمخرج والكاتب أن يغلفاها بأجواء الماضي، وليس هناك ما يمنع ذلك، طالما أن العمل الفني المطلوب يسير في اتجاه حقيقي وقريب من الواقع، ويلامسه في التفاصيل والخيال.
ويضيف صالح أسعد مدير تحديد الصفحات الفنية في صحيفة العرب اليوم، أن معظم مسلسلات رمضان هذا العام تتحدث لغة السياسة والمقاومة، ويقول إن مسلسل "البوابة الثانية" المصري يتحدث أيضاً عن حصار غزة من خلال دراما بذات الأهمية للدراما السورية، وأن مسلسل "سحابة صيف" يتحدث كذلك عن اللاجئين والعراقيين.
وأن هناك أعمالا أخرى يجري عرضها تتناول جميعها الواقع السياسي، وتستفيد من التراث والتاريخ والأحداث المختلفة لإسقاطها على الأعمال الدرامية، وفي المحصلة يقول إن توظيف حصار باب الحارة لخدمة ما يجري في غزة هو توظيف إيجابي بالمقاييس الفنية وغيرها.
أما الشاعر مازن شديد، فيقول إن الفنان يحرص على الإبداع، وهو على هذا الأساس يوظف اللغة والرموز والتاريخ، وغير ذلك لخدمة ذلك الإبداع.
وهو لا يرى جديداً في توظيف باب الحارة لخدمة ما يجري من حصار لقطاع غزة، خصوصاً أن الدراما السورية اعتادت النجاح السياسي في ما تنتجه من أعمال، وأنه من الطبيعي أن تنجح في توظيف باب الحارة.
الحلقات التي عرضت حتى الآن، تحدثت عن حصار حارة الضبع، وعن صمود أهل الحارة، وتعاونهم وتفانيهم في مقاومة المحتل، وكذلك عن دور المرأة في مقاومة الحصار، وعن مساندة الحارات الأخرى مع أهل الحارة المحاصرة، والوصول إليهم عبر أنفاق لتوصيل الدعم وأسباب الصمود لهم، وكذلك عن تضامن أهل فلسطين والأردن مع آل الشام ومساندتهم في مقاومة الاحتلال، وكذلك عن التلاحم الإسلامي المسيحي في المقاومة ضد المحتل الفرنسي، وهذه الأشياء كلها يمكن عكسها تماماً على واقع الحال في غزة المحاصرة. وهو إذ يدعو للمقاومة والانتصار للأهل فإنه يستحق التقدير والإعجاب والاستفادة منه، وليس مهاجمته لهذا الأمر تحديداً من البعض.