أين تمضي فصل الصيف؟

تم نشره الخميس 08 آب / أغسطس 2013 02:19 صباحاً
أين تمضي فصل الصيف؟
سمير عطا الله

كان يونس بحري أشهر مذيع عربي قبل أن يتخذ أحمد سعيد تلك الرتبة. بسبب فلسطين تعاطف العرب مع الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، ومن برلين كان يطل يونس بحري كل يوم مرددا جملته الشهيرة: «هنا برلين، حي العرب». وعندما هُزمت ألمانيا هُزم يونس القادم من الموصل. وطفق يبحث عن رزقه حيث وكيفما استطاع؛ جزارا أو إمام مسجد أو صاحب ملهى في باريس، ومن ثم مذيعا عند نوري السعيد، ألد أعداء هتلر.

تنقل صاحب «حي العرب» بين المدن وبين الزوجات، ظريفا لاهيا وجليسا يستظرفه الموسرون. ومن يتنقل أو يتشرد بين المدن والزوجات، لا بد من بيروت بعد زمن صفاء. صيف 1958 اشتعلت في لبنان «ثورة» كانت مجرد بروفة لحرب 1975. كانت ذريعة «الثورة» أن الرئيس اللبناني كميل شمعون أيد «حلف بغداد»، الذي تعارضه مصر الناصرية. وتذكر الناصريون في بيروت أن يونس بحري عميل لنوري السعيد (والإمبريالية والاستعمار و«قَد» خائن) فهاجموا منزله. ولما لم يعد هناك هتلر يهدِّد به أو به يلوذ، فقد خاف بحري من أن يكون الهجوم التالي على شخصه العزيز.

قال لزوجته: نمشي بغداد حاجة! اعترضت الحاجة: شنو بغداد عيني، الدنيا حر موت، ليش ما نطلع الجبل؟ فكّر يونس قليلا ثم قال بلهجته الخطابية: ليش، ماكو ناصريين في الجبل؟ قومي حاجة قومي! وصل الزوجان إلى بغداد أوائل يوليو (تموز). اتصل صاحبنا بالأصدقاء، وقرر أن يؤجل الاتصال بصديقه نوري السعيد أسبوعا آخر ليعرض خدماته الإذاعية من جديد.

لم يكن ذلك الصيف حارا في بغداد فحسب، بل كان الأكثر حرارة. في 14 يوليو (تموز)، أفاق يونس بحري على صوت عبد السلام عارف يدعو العراقيين إلى مهاجمة القصر، واعتقال نوري السعيد لقاء جائزة قدرها عشرة آلاف دينار. كان عارف يعرف أن أهل القصر قُتلوا جميعا، لكنه كان يريد المزيد من الدماء. طفقت الغوغاء تقتل في الشوارع كل من يشار إليه على أنه وزير. سُحل رجل يشبه فاضل الجمالي على الرغم من أنه أقسم على أنه لا يعرف الاسم. يصف يونس بحري في مذكراته يوما من أيام الجحيم؛ شوارع بغداد تفيض دماء وقتلا وسرقات ونهبا والتماثيل تسوى بالأرض.

في اليوم التالي لثورة الصيف الذي هرب إليه يونس، تم اعتقاله (بناء على أوامر عارف) مع الصحافيين المحسوبين على العهد السابق، وخصوصا على نوري السعيد الذي «قُصِّبت» جثته من دون انتظار الجائزة التي وضعها «الضابط الحر». أمضى بحري سبعة أشهر في السجن من دون أن توجه إليه تهمة، ثم أفرج عنه، فعاد إلى بيروت ليجد أن عهدا جديدا قد بدأ. بلا تقصيب وبلا بلاغات عارف.

( الشرق الأوسط )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات