عيد يخلو من اجواء الفرح
اكاد اجزم ان الاردنيين لم يفرحوا في هذا العيد، وان هنالك من سرق فرحتهم، وان خوفهم من المستقبل بات يلون مزاجهم العام.
وعلى غير العادة لم المس في مصلى العيد الذي اديت فيه الصلاة يوم امس اية مظاهر خاصة بالعيد، وقد غابت مظاهر الفرح ، والمشاهد الاحتفالية المعتادة لم تكن حاضرة، وبالكاد رأيت البعض الذين لبسوا ملابسا جديدة، او اهتموا بالتزين وحلاقة الشعر، او رش العطور. في حين ان الحشود الكبيرة كان قاسمها المشترك امارات الشقاء البادية على الوجوه.
وكان العبوس سيد المشهد، ورؤية وجوه الناس تشي باوجاعهم الداخلية، ومعاناتهم في الحياة في حالة تجدد، وهي التي باتت تقف حائلا بينهم وبين الفرح.
لا اجواء احتفالية ، وكأن السلام الداخلي للناس تقوض، وفقدنا القدرة حتى على الابتسامة.
المهم ان مصلى العيد الذي صليت فيه كان يقترب في مظهره العام من تجمع صلاة الجمعة، وقد شهد خروج نصف المصلين بعد الانتهاء من صلاة العيد مباشرة، وقبل ان يشرع الخطيب بالقاء خطبته. والتحق نصف النصف الاخر بالخروج حال انتهاء الخطبة دون تبادل السلام المعتاد في مثل هذه المناسبة حيث يتلقى الاردنيون التهاني من بعضهم البعض.
خرج الكثيرون دون ان يسلموا على بعضهم البعض، وكأن ظروف الحياة اقوى من مشاعر الاخوة التي تربط ابناء المجتمع الواحد، وكان الوجوم يرافق الجموع، وهم يغادرون، وكأنهم يشيعون في جنازة، وليسوا في حالة ممارسة لطقوس العيد.
قتلت فرحة الاردنيين بلا ريب، وهم ينتظرون الاسوء، ولم يعودوا قادرين على الفرح، وكأن التهديد الذي يطالهم في مستوى معيشتهم مع كل طالع حكومة جديدة اطار الفرح من قلوبهم، وجعلهم يعيشون مذعورين في الحياة.
وكانت نبرة الاردنيين تعبر عن مخاوفهم، وهواجسهم، وحتى عند سؤالهم عن الحال فما عاد هنالك بريق في الاجابة "ان الاحوال هي بخير".
خطباء كانوا اقدر على فهم الحالة فقال بعضهم في خطبته "تزاورا ، ولا تقاطعوا ارحامكم، وحتى وان كنتم لا تستطيعون تقديم هدية العيد للارحام فلا يكون ذلك سببا للقطيعة. زوروا الاخت والام والعمة ويكفي السلام للتعبير عن تواصل المحبة بين الرحم الواحد".
ولا ادري هؤلاء الذين يتربعون على قمة مأساة الاردنيين ماذا ينتظرون بعد، وهم يشيحون بوجههم عن حقائق الوضع الاجتماعي، وهم يعدون لوجبة جديدة من الرفع والمس بالطبقة الفقيرة التي لا تلوي على شيء.
وانا على يقين ان الانفجار قادم ما دام المسؤول لا يراعي حدود المسؤولية، ولا يخشى الله في مواطنيه ، ولا يدرك خطورة المس بحقوق الملايين، والتي تنتفض وتنقض على حين غرة.
ويد الشعوب طويلة، ولعبتها خطرة، وتستطيع ان تصل الى الفاسدين، والى اوكار الظالمين، وان تدفعهم الثمن الباهظ بعد ان بلغت المعاناة كافة مناحي القرى والمحافظات، ولن تستطيع مسرحية السلطة، واوهام البروتوكولات ان تخفي الوجه القبيح للسياسات التي لا تراعي حق الناس في الحياة الكريمة.