"بلاي ستيشن"
اليوم هو الموعد الذي قطعته لولداي للانطلاق بهما لشراء هدايا العيد، الابن الاكبر ذو الخمس سنوات "قرقع" رأسي وهو يطالب منذ شهور بشراء "بلاي ستيشن"، وأنا بصفتي ذو عرق عربي أصيل ونظراً للظروف التي تمر بها "المنطقة" أمارس المماطلة والتسويف بإطلاق الصيغة التسويفية الأشهر "عالعيد ان شاء الله يابا"، اليوم وقد أزفت الآزفة طالبت كليهما بجلب ما كسبت أيديهما من "عيديات"، اكتشفت بعد عملية حسابية بسيطة أن ما "كنزوه" لا يكفي لشراء "إيد بلايستيشن" أو "كنترولر" حسب الانجليزية.
استجمعت قواي وانطلقت بهما الى محل ألعاب قريب، حينما استفسرنا عن سعر البلاي ستيشن أخبرنا صاحبها أنها تساوي مائة دينار أي حوالي مائة وأربعون دولار "أخضر"، حاولت عندها أن أقنع الصبي بشراء "بسكليت" أو "رشاش" او "فرد مي" الا أن "حب الدنيا" الغارق بها قلبه منعه من القبول، وكان عند كل عرض يجيب بالرفض، وفي النهاية قال لي "كل هاي ألعاب حلوة بس أنا بدي بلاي ستيشن"، أصدقكم أن مبعث رفضي لشرائها لم يكن مادياً، فالرزاق قد أنعم وتفضل، ولكني تذكرت شعوباً وقبائل لا يجدوا ما يقتاتوا عليه، فلو أني ولّيت وجهي شطر الصومال الشقيق، لوجدت أن ثمنها هو عبارة عن دخل أسرة بأكملها لمدة عام هناك، ولو أني تأملت حال أبناء جلدتنا في الشام الجريحة لعلمت أنهم أولى بعرق جبيني من أن يلهو ولدي.
اذن كان لابد من استخدام السياسة، حملتهما وانطلقت بهما الى "سقف السيل" لأكون على أرضي وبين جمهوري، دخلنا الى أحد المحال هناك وسألناه أن يعطينا "فاميلي جيمز"، وهو عبارة عن جهاز يحدث "تخلفا مؤقتا" لعقل اللاعب، فأكون بذلك قد وهبته "بلاي ستيشن" ولكن ليس من انتاج المصنع العملاق "سوني" فهذا لم يكن من شروطه، السعر حسب البائع هو خمسة دنانير وعليها ثلاثة الاف لعبة ...... نظريا جيد.
حينما التقطت محفظة نقودي للمحاسبة واذا بولدي يرقبني، وحينما دفعت الحساب قال ولدي للبائع "هدول مصاري العيد تبعوني"، معنى الكلام واضح فهو يقصد أن يقول للبائع "ترى هاظ الشحط اللي واقف قدامك لا بقدّم ولا بأخر"، تقبلت الإهانة بصدر رحب وانطلقنا آيبين الى المنزل، عند الوصول وبعد محاولات مضنية لتشغيل الجهاز "الخارق" تبين أن الجهاز "لا من ثمه ولا من كمه"، فهو عبارة عن مجموعة قطع بلاستيكية لا يوجد بها تيار كهربائي.
"الخلاصة" أن المنزل الان يعيش أجواء الثورة، والإعتقاد السائد أن الأب قد "لهف العيديات" وأحضر لنا بهم قطعة بلاستيكية تصلح لأن تكون قطعة ديكور تلصق على "الثلاجة".
الحال مع حكومتنا "الرشيدة" مشابه تماماً للوضع أعلاه، فحينما يطلب الشعب حياة كريمة يقوم "دولته" برفع الحد الادنى للأجور، ويرفع معها كل متطلبات الحياة، وحينما يطالب الشعب بالحد من ظاهرة البطالة ويأتي أحدهم لـ "دولته" مطالباً بعمل يعرض عليه الزواج !! ، وحينما يطالب الشعب بالشفافية سنكتشف أن "نسيبه" يتحضر لمنصب مهم ....
مع أن هذا الشعب يدرك تماما ويخبر البائعين والمشترين أن "المصاري" هي ملك الشعب وحده.....
لسان حال الشعب يقول لدولته "كلها هاي ألعاب حلوة دولتك بس احنا بدنا نعيش"
أخشى أن نصل في يوم من الايام الى الخلاصة المذكورة أعلاه .....