حياة منزوعة الشغف!

تم نشره الثلاثاء 13 آب / أغسطس 2013 12:42 صباحاً
حياة منزوعة الشغف!
خيري منصور

ان لعبارة «الضارة النافعة» تجليات قد لا تخطر بالبال، منها مثلا ان تردي نمط الحياة والاختناق بسبب شحة الاكسجين الثقافي والاجتماعي في بلد ما يجعل المرء المتورط بهذه الحياة اقل خوفا من الموت فالحياة لمن يعيها على حقيقتها هي كل شيء. لهذا كان الكاتب سومرست موم يقول انه عاش تسعين عاما ولم يفهمها لكنه عاشها بعمق لحظة بلحظة، ذلك لانه لا يعرف سواها! ولم يحدث من قبل ان تحالفت الشرور كلها لجعل الاقامة في هذا العالم عقابا، فكل ما هو اصيل اصبح نادرا ومهددا بالانقراض بدءا من مواد الطبيعة ومحاصيلها، فالبدائل كلها صناعية وقد لا يدرك البعض ان ما يغطون به اجسادهم واقدامهم هو من سلالة سلال النفايات السوداء.

فقد تم انتهاك الطبيعة والبيئة حتى النخاع لهذا فهي تمارس انتقامها من الادمي العاق الذي بصق في الصحن الذي يأكل منه وافسد الماء والهواء حتى تحول كوكبنا الى زنزانة.

فهل من المعقول ان نلتهم هذه الاطعمة والاشربة والخضار والفاكهة ونحن ندرك بانها ملغومة وننتحر بها؟

قد يسارع البعض ممن برطعوا وتجشأوا للتو الى وصف هذا الكلام بانه سوداوي ويستخدمون المقولة المستعملة حتى الاهتراء وهي نصفا الزجاجة، فالنصف الممتلئ ليس ماء زلالا، انه دم او بكاء او عرق. لكن من علقوا بالحياة وعاشوها في مستوى الضرورة والغريزة لا شأن لهم بسؤالين هما الاهم في تاريخ الفكر البشري، سؤال الوجود وسؤال الحرية، فالوجود اختزال الى امعاء تسعى والحرية ايضا اختزلت في بعد سياسي بعد ان حذفت الابعاد الروحية والكيانية فالانسان الذي لا يعيش بالخبز وحده لا يعيش ايضا بحرية ذات بعد واحد، والارجح ان هذه الثقافة توجد في مكان اخر.

ان الحياة تفقد وهجها عندما يغيب عنها الشغف، وتصبح الايام رتيبة وكأنها يوم واحد بسبعة اسماء لهذا لا تعود عزيزة، وتلك هي الضارة النافعة في امكنة محرومة من البهجة، وكم كان مصيبا ذلك الشاعر الاسيوي الحكيم عندما قال باننا كبشر لا نملك القدرة على اطالة اعمارنا، لكن المتاح لنا هو تعميق اللحظة فثمة لحظات عمقها لا يتخطى القشرة مقابل لحظات تربطنا بالابدية.

ان من لم يشربوا من نهر الجنون او نهر الدم حتى الان عليهم ان يواصلوا التشبث بالجمرة حتى لو احالت اصابعهم الى رماد.

اما الذين ينعمون بما هم عليه وفيه فهنيئا لهم هذا النعيم، فالخراف التي تشتبك مع بعضها وتنزو على بعضها في الطابور امام المسلخ تستحق الشفقة لا الحسد!!

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات