حرب لبنان التي تلوح في الأفق

تم نشره الأربعاء 14 آب / أغسطس 2013 01:54 صباحاً
حرب لبنان التي تلوح في الأفق
اوكتافيا نصر

قد لا تكون حرباً شاملة كتلك التي عاشها اللبنانيون بين 1975 و1990. فالبلاد قد تكون على عتبة انفجار سياسي يحضّر له منذ 23 سنة، ويضع تحالفاً في مواجهة الآخر، أو مذهباً في مواجهة الآخر، إلى أن يتقاتل أبناء العائلة الواحدة من جديد على محاور متواجهة أو جبهات عسكرية متناحرة.

كل من عاش الحرب اللبنانية وما أعقبها، تماماً مثل كل من حاول أن يشرح سير الحرب للجمهور، يعرف أن أياً من هذه السيناريوات ليس له هدف أو مسار واضح. إنها فقط الطريقة التي يعبّر بها بعض اللبنانيين عن وطنيتهم، نظرا الى عجزهم، أو عدم استعدادهم لاستكشاف طرق أكثر تمدّناً من الخلافات والمحاججات من أجل التواصل في ما بينهم، قبل اللجوء إلى العنف والسلاح عندما تفشل كل الخيارات الأخرى.

لن تكون حرباً شاملة تقليدية لأنه خلافاً لانطلاقة الحرب عام 1975، يميل ميزان القوة بشدّة لمصلحة طرف معيّن. وهكذا فإن أي مجموعة تنخرط بملء إرادتها في مواجهة عسكرية مع "حزب الله" ونفوذه الراسخ، تُقدم على الانتحار. إنه على الأرجح أحد الأسباب الرئيسية، لا بل قد يكون السبب الوحيد لعدم حصول صدام عسكري حتى الآن.

إننا إذاً أمام حرب ترويع وشكل آخر من أشكال سفك الدماء يعيشه اللبنانيون يومياً - ولو كانوا في حال إنكار - فيما يكرّر سياسيوهم المعزوفة نفسها أمام الميكروفونات التي تحمل علامات سياسية. يحشد كل واحد منهم معجبيه ويثير أكثر فأكثر نفور الآخرين. وقد تقلّصت مجموعات الأنصار على مر السنين وباتت تقتصر على أولئك الذين يتّفقون معهم تماماً في الرأي من دون أي شكل من أشكال الاعتراض. ناهيك بشريعة الغاب التي تسود بعض المناطق، واغتيال من يجرأون على التعبير عن آرائهم علناً أو الدعوة إلى التغيير، وإحراق الإطارات واقفال الطرق لمجرد التعبير عن الاحتجاج من أشخاص يحرّكهم اعتقاد مضلّل أنهم أصحاب حق، والحواجز المنتشرة هنا وهناك، وعمليات خطف الأجانب أو اللبنانيين (وأحياناً قتلهم) لمجرد أنهم أهداف سهلة أو ضحايا عزّل. قد تكون الحرب التقليدية أرحم من الفوضى التي تعمّ لبنان وتحوّله أرضاً خصبة لتفشّي شريعة الغاب والتقسيم.

يقودنا هذا إلى سيناريو آخر يصير أكثر واقعية مع كل يوم يمر، وعدد مؤيّديه الآن أكثر منه في ذروة الحرب الأهلية. إنه سيناريو التقسيم! إذا قسم لبنان على أساس الطوائف والمذاهب، هل يبقى لبنان الذي عرفناه؟ هل يستطيع أحد أن يثق فعلاً بالأفرقاء الحاليين وبقدرتهم على إنجاز هذا التقسيم بالطريقة الصحيحة؟ إذا كنتَ دائماً ممّن يثقون أكثر بالشعب ويؤمنون بقدرته على التعايش والازدهار، ربما فقدت هذا الإيمان في الآونة الأخيرة وسط التناقص في أعداد صانعي التغيير الحقيقيين وتأثيرهم. فالآمال تتلاشى لدى من يهاجرون بحثاً عن الوظائف والفرص ومن يبقون لأنه لا خيار آخر أمامهم، وتُشرَّع الأبواب على مزيد من الفوضى والضياع.

الحرب التي تهدّد لبنان حالياً مصدرها التمزّق العميق في النسيج اللبناني. تخترق هذه التمزّقات شرايين الوطن وعروقه. وعلى هذه الوتيرة، لن يبقى هناك شيء للدفاع عنه أو النضال من أجله.

( النهار اللبنانية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات