الاعتصام والإعلام!

تم نشره الأحد 18 آب / أغسطس 2013 01:15 صباحاً
الاعتصام والإعلام!
خيري منصور

للاعتصام تعريف وحدود ما ان يتجاوزها حتى يتحول الى عشوائيات جديدة؛ لأن متطلبات استمراره تجتذب اصحاب مهن وخدمات وكأنه عينات من حياة اجتماعية بديلة، لكن الاعلام الذي يعالج ظاهرة الاعتصام له تعريفه وحدوده ايضا، وحين يفقدهما تتسلل اليه عشوائية من طراز آخر، هي ذهنية وثقافية بامتياز، وخطورته ان يستمر بعد فض أي اعتصام؛ لأنه رهينة عادات وأداء استمرا عقوداً، وما حدث في مصر ليس المثال الوحيد في هذا السياق رغم اقترابه ميدانياً من الأمثولة، فالاعتصام الذي استمر اكثر من اربعين عاماً في مناطق سكنية كانت له أعراض جانبية منها اصابة الحياة اليومية للمواطنين بالشلل، ومقابل ذلك كان للاعلام المواكب معه أعراض جانبية ايضاً، لكنها ذات خطورة بالغة على الوعي.

وحين يستخدم مصطلح الافراط في استخدام القوة للأمن والشرطة في أي مكان، ينسى الناس ان هناك افراطاً اعلامياً غالباً ما تفرزه ثقافة ذات موروث عصبي، بحيث يندفع بقوة وبنفوذ العدوى الى أقصى المواقف، وقدم لنا المثال المصري أنموذجاً لفضاء احتكاري، فمن يبث أخبار رابعة العدوية والنهضة لا يذكر شيئاً عن الأماكن الاخرى التي يحتشد فيها أناس مختلفون فكراً وموقفاً والعكس صحيح ايضاً.

انه أنموذج لحروب فضائية هي انعكاس ميكانيكي لحروب ارضية، فالفضاء الإعلامي العربي عندما حاول التحليق عالياً وضد جاذبية الواقع السياسي حدث له ما حدث لعباس بن فرناس.

ولو شئنا تقديم تحليل أولي لما اسميه الافراط الاعلامي، فان هذه الظاهرة شأن غيرها من الظواهر التي رسختها ثقافة احادية البعد، لم تغادر ذهنية داحس والغبراء والغساسنة والمناذرة، فالثنائيات مستمرة لكن بتجليات جديدة وبأسماء حديثة توشك ان تضلل الرأي العام فيتصور الناس ان هناك تغيرات جوهرية حدثت بالفعل.

والحقيقة انها تغيرات سطحية وشكلانية ولا صلة لها بالمضمون، تماما كما هي الحال في كل مشاهد الحداثة الزائفة التي تخفي وراء قشرتها المزخرفة تخلفاً مزمناً.

فالخطاب الاعلامي والسياسي لا يتغير لمجرد التلاعب بالبلاغة ومترادفات اللغة، خصوصاً حين تكون هذه اللغة امبراطورية مترامية الاطراف من المترادفات، كما ان الحداثة ليست في الازياء أو المقتنيات أو اعوجاج اللسان للرطانة ببضع كلمات أجنبية، لهذا ما ان تكشط القشرة حتى يظهر على الفور تحتها الطين وما يعشش فيه من حشرات أو بمعنى آخر كما يقول المثل المعروف تحت الرخام سخام!

والقواسم المشتركة بين النظم والمعارضات في العالم العربي تفتضح الحاضنة العقلية والمهاد التربوي والثقافة لكلا الطرفين!

وهذا ما يحدث للاعلام ايضاً، فهو لم يغادر خمسينيات القرن الماضي عندما كان الوريث النجيب للحطيئة، وشعراء المديح والهجاء في الجاهلية وما بعدها!

وحليمة هذا الاعلام التي ينقصها الحلم تعود الى عاداتها القديمة كلما ارتطم كوز بجرة!

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات