كراديس العرب وفراديسهم!!

تم نشره الأربعاء 21st آب / أغسطس 2013 12:56 صباحاً
كراديس العرب وفراديسهم!!
خيري منصور

رغم أن المذيع المصري حذر أصحاب القلوب الضعيفة -كما سماهم- من مشاهدة ما جرى في أحد أقسام البوليس وهو قسم الكرداسة، إلا أن ذلك التحذير ضاعف من الفضول، حتى لدى من لا يطيقون رؤية الدم، ذبح وتمثيل بالأجساد وتلذذ سادي في الهتافات الشامتة مثل تلك المشاهد التي تصيب الإنسان بالقشعريرة لا تتيح لنا أن نتريث ولو قليلاً قبل الشعور بالغثيان والتقزز من سطوة الغرائز واندلاعها الوحشي.

فما من سبب يكفي لتبرير ذبح انسان لمجرد أنه محسوب على طرف ما، وهناك العديد من دول العالم أخرجت الموت من القانون، وذلك من خلال إلغاء عقوبة الإعدام، فكيف يمكن لبشر أو فرد أن ينفذ الإعدام بشخص ربما يراه للمرة الأولى، ولا يرى منه غير الزي الرسمي الذي يرتديه.

اننا الآن لسنا بصدد مقارنة الروايات والفيديوهات وترجيح واحدة على أخرى بفضل القرائن إن وجدت، لأن ما يغمرنا حتى النخاع إزاء تلك المشاهد سواء أكانت في كرداسة مصرية أو أي من كراديس العراق وغير ذلك من ضحايا عولمة الذبح شعور بخجل شديد من آدميتنا، فالحيوان لا يقتل إلا إذا جاع أو كان في نوبة دفاع عن بقائه، لكن الانسان هو الكائن الوحيد الذي يقتل من أجل القتل وينكل بالضحية لإشباع سادية بدائية ما من ايديولوجيا أو عقيدة أو تربية تبيح مثل هذه المجازر لأنها تتجاوز القوانين والشرائع وتعطي لمن يمارسها الحق المطلق في أن يكون الخصم والحكم.

إننا نصاب بالدهشة، لا إزاء تلك المشاهد فقط، بل إزاء الغياب المروّع للكوابح والروادع الأخلاقية، وكأن كل ما رسم وعزف وكتب وغنّي في التاريخ ذهب سدى، بحيث يعود الآدمي في دقيقة واحدة الى الكهف ويسيل لعابه على المزيد من رائحة الدم كأسماك القرش.

وأياً كان الفاعل أو نائب الفاعل في مثل هذه المذابح، فهو ليس من الجنس البشري حتى لو نطق وانتصبت قامته ليمشي على اثنتين وليس على أربع كراديس على امتداد هذه التضاريس الحمراء، والأنكى من ذلك هو انتظار المكافأة وكأن الكراديس في هذا الزمن العربي موعودة بالفراديس!

فأي تربويات وثقافة وإعداد نفسي أنتجت كل هذا العنف؟

ما نخشاه هو أن تدخل هذه المشاهد في باب المألوف السياسي واليومي بحيث لا يضطر مذيع إلى تحذير ذوي القلوب الضعيفة من مشاهدتها!

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات