وتستمر المجازر ..

تم نشره الخميس 22nd آب / أغسطس 2013 01:57 صباحاً
وتستمر المجازر ..
د.رحيل محمد غرايبة

مجزرة الكيماوي في حي الغوطة في دمشق أمس أسفرت الإحصاءات الأولية عن تقدير عدد القتلى بـ ( 1300) قتيل، مع قابلية هذا العدد الى الزيادة، بحسب بعض المصادر المطلعة الى أكثر من (2000) قتيل في يوم واحد.

لم يعد المواطن العربي يملك القدرة على عد الجثث، ولم يعد الإنسان العربي يملك التأهيل النفسي ليطيق النظر الى بشاعة الجريمة التي لم تعد حدثاً عابراً ثم يتوقف، بل إن عدد القتلى بازدياد، وأصبح الدم المسفوح يشكل طوفاناً يستعصي على الاستيعاب من قبل أصحاب كاميرات التصوير.

إن أحداث مصر الأخيرة أعطت دفعة قوية لطواغيت دمشق لمضاعفة حمم الموت، وشكلت لديهم جرأة غير مسبوقة في الإقدام على استعمال أسلحة التدمير الشامل ضد المدنيين إذا استطاعت أن تحصد من الأطفال ما لم تحصده الحرب العالمية الأولى والثانية.

لقد كانت المفارقة الصادمة لكل من يملك بقايا إنسانية أن يتم اطلاق صواريخ تحمل قنابل كيماوية في الوقت الذي يأتي فريق من هيئة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن استخدام اسلحة كيماوية قبل أشهر عديدة سابقة، يشكل هذا الحدث رداً على الجهود الأمنية الخجولة في الاطلاع على الحقيقة.

إن صمت العالم الطويل والمستمر على جرائم النظام عبر سنتين منصرمتين ينبئ عن تواطؤ المنظمات الدولية التي ولدت من رحم الاستعمار الدموي الرهيب الذي شرّع لحروب القتل والإبادة، بحق الشعوب المستضعفة وبحق الجماهير العزلاء.

إن منظر الأطفال المختنقين يثير في النفس الغثيان والقيء، ويجعلها أقرب الى الذهول والصدمة، ويؤدي الى إثارة كل مظاهر التقزز الذي يستعصي على الوصف، ويفوق قدرة الأعصاب الآدمية على تحمل المزيد.

مناظر تدعو الكاتب الى جفاف قلمه، والعزم على تطليق السياسة، وتطليق الكتابة وتطليق الحديث مع البشر بكل شأن عام، ويذكر بما قال ابن كثير عندما أراد أن يؤرخ لسقوط بغداد تحت أقدام التتار، الذين قتلوا الإنسان ودمروا البنيان، وأحرقوا الكتب، ورقصوا على أكوام الجثث المتعفنة وشربوا أنخابهم الممزوجة بدماء الضحايا، فقال وددت لو كنت مت منذ زمن بعيد ولم أشهد هذا اليوم، ولم أعبر هذا الزمن وكنت نسياً منسياً.

لم يتخيل ابن كثير وغيره من المؤرخين، أن تتعرض الشعوب العربية والأمة الاسلامية الى ما هو أبشع من غزو التتار، ولم يخطر ببالهم أن تتعرض هذه الشعوب إلى حرب إبادة من أنظمة محلية وجيوش محلية تسفك دم شعوبها وتقتل جماهيرها التي تمد هذه الأنظمة بالمال، وتدفع لها الضرائب التي تشتري بها أدوات الجريمة وأسلحة التدمير الشامل والتي ما استعملت يوماً ضد عدو خارجي، أو لصدّ هجوم مسلح من أعداء الأمة.

تلك الأنظمة التي لا تجرؤ على اطلاق طلقة واحدة على طائرة غازية تضرب في عمق عواصمها، فهل يمكن أن تتجرأ على استعمال السلاح الكيماوي ضد العدو الصهيوني الذي احتل أرضها منذ (46) عاماً، وهو رقم قابل للزيادة؟

أبشع من ذلك كله وأكثر تقززاً استمرار مخادعة النفس واستمرار الضحك على الذات الى حد القهقهة، وممارسة الانتحار الفكري والسياسي من خريطة الوجود، من خلال التلذذ بتعذيب الضحايا، واتقان التفنن في أساليب الساديّة النفسية التي لا علاج لها ولا شفاء.

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات