هذه أنظمة لا ترحل...

تم نشره السبت 24 آب / أغسطس 2013 01:30 صباحاً
هذه أنظمة لا ترحل...
حازم صاغيّة

حين تُقصف غوطتا دمشق بالسلاح الكيماويّ، وتُفرش جثث الأطفال التي تنقلها صورة تذكّر بصور المحرقة النازيّة، يكون النظام السوريّ قد دفع رغبته في البقاء إلى حدّ اللامعقول. فما يقوله ذاك النظام، عبر هذه «الرسالة» المميتة، هو تحديداً استعداده لفعل أيّ شيء، أيّ شيء بالمطلق، من أجل أن يبقى نظاماً.

لكنّه يقول أيضاً إنّ هؤلاء المقصوفين بالسلاح الكيماويّ ليسوا شعبي. إنّهم شعب آخر منزوع الإنسانيّة، تماماً كما كان صدّام حسين شديد البلاغة يوم قال، من خلال قصفه حلبجة بالسلاح الكيماويّ، إنّ أكراد العراق ليسوا شعبي.

بشكل ألطف كثيراً، من دون أن يكون بالضرورة أقلّ خطراً، يقول نظام 23 يوليو في مصر إنّه غير مستعدّ لقبول التغيير الذي افتتحته ثورة يناير 2011. فإطلاق سراح الرئيس حسني مبارك وتحويله، بأمر «نائب الحاكم العسكريّ»!، إلى الإقامة الجبريّة، يرقى إلى طريقة في الاعتذار عن الثورة. أمّا الرئيس التعيس محمّد مرسي الذي انتخبه المصريّون بعد ثورتهم، فيقبع في السجن مصحوباً بقادة جماعة «الإخوان المسلمين» وكوادرهم، بمن فيهم مرشدهم محمّد بديع.

لكنْ لماذا هو نظام 23 يوليو؟ لأنّ جميع العهود وحساسيّاتها، ما بين 1952 و2011، ممثّلة فيه: الناصريّون موجودون فيه من خلال تشبيه عبد الفتّاح السيسي بعبد الناصر، والاستخدام الذرائعيّ لـ «الكرامة الوطنيّة المصريّة»، فضلاً عن وقوف ناصريّي حمدين صبّاحي مع الانقلاب وراء العسكر. والساداتيّون موجودون من خلال غلاة الانفتاح و»الليبراليّة» الذين لا يطيقون الإسلاميّين ولا يحتملونهم في السلطة، وربّما في المجتمع أيضاً. أمّا المباركيّون فموجودون بقوّة من خلال «الفلول» ذوي النجم الساطع والاعتبار المردود.

وكونه نظام 23 يوليو يُستدلّ عليه في الموقف شبه الاستئصاليّ من «الإخوان»، وهو ما اتّبعه عبد الناصر منذ 1954، ثمّ أعاد تزخيمه في الستينات، قبل أن يتولاّه السادات ومن بعده مبارك. إنّ أبلسة «الإخوان»، والحال هذه، مكوّن أصليّ من مكوّنات نظام يوليو، أقلّه منذ 1954.

وفي هذه الغضون تقدّم تجربة محمّد البرادعي حجّة أخرى على أنّه نظام 23 يوليو. فالسياسيّ الليبراليّ الذي حاول أن يستدرك خطأه حين غطّى الانقلاب، باستقالته من منصبه الرسميّ، قد يُحاكم لـ «خيانته الأمانة». ومعروف أنّ سياسيّين كالبرادعي، يستطيعون أن يكسروا المحلّيّة المسمّاة «وطنيّة» ويربطوا السياسة المصريّة بمجارٍ عالميّة أعرض، لا مكان لهم في نظام 23 يوليو.

قصارى القول إنّها أنظمة لا ترحل. 61 عاماً على عهد 23 يوليو في مصر، و50 عاماً على حكم البعث في سوريّة لا تكفي لطيّ صفة النظامين. وقبلاً كان البعث العراقيّ قد حكم 35 عاماً، ومعمّر القذّافي 42 عاماً، ولولا التدخّل الخارجيّ لكانا لا يزالان يحكمان سعيدين ويورّثان الأنجال.

ولسوف يتعفّن عالمنا كلّه تحت وطأة هذا الجموح الذي لا يحدّه حدّ ولا يردعه رادع! وهذا ما يحصل تحت أنوفنا وأبصارنا أجمعين.

( المصدر : الحياة اللندنية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات