حنين إسرائيلي إلى أيام مبارك

على رغم السياسة الرسمية الإسرائيلية بالتزام الصمت حيال ما يجري في مصر واعتباره شأناً داخلياً مصرياً، فانه لا يمكن عدم ملاحظة الحماسة الإسرائيلية للانقلاب العسكري في مصر، والشماتة بما تتعرض له جماعة الإخوان. وليس واضحاً ما اذا كانت هذه الحماسة تستند إلى أسباب حقيقية مثل الخوف الإسرائيلي العميق من صعود الإسلام السياسي في مصر، ومن غزو الفكر الإسلامي الجهادي لدول المنطقة ولا سيما منها تلك التي تحيط بإسرائيل وانعكاسات ذلك على امنها، أم أنها تعكس حنيناً إسرائيلياً إلى عودة مصر الى ايام حليفها حسني مبارك التي تأسفت كثيراً لرحيله.
وبصرف النظر عما ستؤول اليه الاوضاع الراهنة في مصر، فان ردة الفعل الإسرائيلية المؤيدة للعسكر في مصر تستند بصورة أساسية الى الرغبة في العودة الى ما كان عليه الوضع قبل اطاحة حسني مبارك، والى الخوف من تحول مصر مستقبلاً معقلاً للحركات الأصولية الإسلامية المعادية لها. وهذا الخوف هو ايضاً في اساس الموقف الإسرائيلي الملتبس من نظام بشار الأسد، والخوف من ان يؤدي سقوط الأسد الى اقتراب الحركات الأصولية الراديكالية من حدودها.
تختلف تجربة إسرائيل مع الإسلام الراديكالي عن تجربة الولايات المتحدة والغرب، وهي تقتصر على المواجهات مع حركة "حماس" في قطاع غزة، التي تعتبرها إسرائيل فرعاً عن الحركة الام لـ"الإخوان المسلمين"، ومع تنظيمات الجهاد العالمي في شبه جزيرة سيناء التي نمت كثيراً منذ صعود "حماس" الى الحكم في غزة، مستغلة ضعف القوى الأمنية المصرية وهشاشة المجتمع القبلي في سيناء، كي تبني خلاياها هناك وتشن عملياتها على قوى الأمن المصرية وعلى إسرائيل في آن واحد. ولكن على رغم ذلك، فاذا كان على إسرائيل الاختيار بين خطر الجيوش العربية النظامية وتنظيمات الجهاد العالمي، يبدو انها تفضل الخطر الاول الذي تعرفه جيداً على الخطر الآخر الذي تجهله.
يعترف الإسرائيليون بان الفترة التي حكم فيها "الإخوان المسلمين" مصر لم تكن سيئة من وجهة نظرهم. صحيح ان محمد مرسي رفض الاجتماع في أي مسؤول إسرائيلي، لكنه حافظ على اتفاق السلام وواصل سياسة التنسيق والتعاون الامني مع اسرائيل، والاهم حارب التنظيمات الاصولية في سيناء ووقف في وجه حركة "حماس" وكافح التهريب عبر الانفاق بين سيناء وغزة. لكن هذا لم يمنع التشكيك الدائم في حكم "الإخوان" وعدم الثقة بهم.
لا تخاف إسرائيل من شبح الحرب الاهلية الذي يهيمن على مصر حالياً لانها واثقة من قدرة الجيش على فرض ارادته، الا ان ما يخيفها ضعف الدولة المركزية وسيادة الفوضى. من هنا رهانها على الجيش المصري.
( النهار اللبنانية )