القوى السياسية وضرورة المراجعة

تم نشره الأحد 25 آب / أغسطس 2013 02:46 صباحاً
القوى السياسية وضرورة المراجعة
د.رحيل محمد غرايبة

وقفة المراجعة محطة ضرورية لجميع القوى السياسية بلا استثناء ، من اجل الاسهام في التقويم الجمعي لما آلت اليه الاوضاع في الدول العربية و الاسلامية ، و من اجل الاسهام في محاولة وقف الاقتتال الداخلي ووضع حد لحمام الدم الذي تغرق فيه عواصم العرب و حواضرهم الرئيسة في بغداد و دمشق و القاهرة ، وعلى طريقها صنعاء و طرابلس و بيروت و غيرها ....

الاحزاب و الجماعات و كافة القوى السياسية التي نشأت في البلاد العربية ، كانت تستند الى هدف بناء المشروع النهضوي العربي و قيادة الشعوب المقهورة نحو الحرية و الكرامة و الديموقراطية و من اجل امتلاك ادوات القوة و تحقيق حلم الوحدة ، و استعادة المجد الضائع و حماية الشعوب و أرضها و مقدراتها وحراسة حدودها و مقاومة اعدائها ، وعندما انخرطت جماهير الشباب في صفوفها كانت تحدوها هذه الامال العريقة و تسكنها هذه الاشواق الملتهبة .

كنت و ما زلت منخرطا في صفوف الحركة الاسلامية لعلمي و فهمي انها تحمل مشروع نهضة الأمة ، وليس حزبا يحمل مشروع الوصول الى السلطة ، وهناك فرق كبير و شاسع بين المشروعين ، وهناك فرق كبير و واضح بين ادوات ووسائل كل مشروع ـ بالاضافة الى الفرق في عملية التقويم و المراجعة المستندة الى جملة الاهداف و الغايات .

مشروع تحرير ارادة الشعوب و العمل على اعادة بناء الدولة العربية المدنية الحديثة ، تقتضي امتلاك القدرة على تحقيق الالتفاف الجماهيري الشامل حول هذا المشروع ، و تحقيق اقصى درجات المشاركة و التعاون بين جميع مكونات المجتمع و غالبية القوى السياسية الفاعلة ، لأن مشروع تحرير الارادة الشعبية واعادة بناء الدولة ليس مشروعا خاصا لفئة دون فئة ، وليس مسؤولية قوة سياسية دون اخرى . فهو يمثل مشروع الامة الجمعي ، الذي يعود بالمكتسبات الحقيقية و الكبيرة على جميع مواطني الدولة بلا استثناء .

عندما تتحرر ارادة الشعوب و تستطيع ايجاد الدولة الحرة المستقلة ، بمؤسساتها و ركائزها الأساسية من تشريعية و تنفيذية و قضائية و عسكرية و مالية ، و عندما تخضع الجماهير لمرجعية وطنية عليا ، وعندما يترسخ مبدأ الاختيار النزيه ، يأتي الوقت المناسب للشروع في مرحلة التنافس الحزبي ، و التنافس بين البرامج و الافكار العملية ، كما وصلت لها اغلب دول العالم المتقدم ، ومن ثم التنافس في الوصول الى السلطة .

الامر الاكثر اهمية في عملية المراجعة فيما يخص الحركات الاسلامية انها يجب ان تدرك ان الاسلام يمثل اطارا حضاريا واسعا للامة كلها بمختلف مكوناتها ، ويمثل مجموعة المبادئ و القواعد و القيم الراسخة التي تمثل الرصيد الفكري الغني و القاعدة المعيارية لاشتقاق القوانين و الانظمة التي تراعي الظرف الزماني و المكاني للتجمعات البشرية ، كما انها يجب ان تدرك ان الاسلام يشكل عامل توحيد لشتات الأمة و عامل نهضة و بناء و قوة ، ، ولا يجوز في حال من الاحوال ان يصبح عامل فرقة و تقسيم و نزاع ، بسبب خلل في الاجتهاد الذي لا يجوز ان يصل الى حدود العظمة و القداسة .

من يتصدى لحمل البرامج الاسلامية ، ومن يتصدى لقيادة المشاريع النهضوية التي تحمل الفكر الاسلامي ، ينبغي ان لا يسهم في عملية شرذمة الامة و تفريقها ، و ينبغي ان يبقى متمسكا بخطاب الوحدة القائمة على التسامح و التغافر و التراحم و عدم الاستجابة لدعوات التعصب المذهبي و الطائفي ، وينبغي ان يكون قادرا على فهم المخططات الخارجية التي تستهدف اثارة النزاعات التفريقية بين مكونات الامة ، وينبغي ان يكون قادرا على افشال الجهود التي تسعى لاستنبات بذور الفتنة في المجتمعات العربية ، والعمل على ايجاد البيئة المناسبة للاقتتال الطائفي و المذهبي و العرقي و الجهوي في اوطاننا .

من يحمل المشروع النهضوي الكبير لا يعرف لغة الاقصاء و التهميش بل يجب ان يتصف بالحكمة التي تجعله قادرا على جمع كل الطاقات و الكفاءات في المجتمع دون النظر الى اتجاهاتها الفكرية او المذهبية او السياسية .

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات