الدُّب والجَنَرال

تم نشره الثلاثاء 27 آب / أغسطس 2013 12:34 صباحاً
الدُّب والجَنَرال
خيري منصور

قبل ثلاثة قرون قال بوالو دبريو في مواعظه أن أصدقاءك هم ألد الأعداء لأخطائك، ولا تخلو ثقافة في العالم من مثل هذه الموعظة، تحذيراً من الصديق المنافق الذي يتملق عواطف صاحبه، فالدب الذي ألقى حجراً على رأس سيده النائم لينقذه من ذبابة فقتله كان جاهلاً وبريئاً، لكن البشر عندما يفعلون ذلك تكون لهم حساباتهم، فالاسترضاء مهنة، وكذلك تزيين الاخطاء لأولياء النعمة.

ولو تذكر ساسة وجنرالات وسادة في عالمنا العربي هذه الموعظة لما سال كل هذا الدم ولما تحولت عواصم عريقة الى أطلال.

وقبل موعظة بوالو بآلاف الأعوام دار حوار بين سيد سومري وتابعه انتهى الى ان قال السيد الذي ضجر من نفاق تابعه أن لا معنى لوجود هذا التابع، لأنه ببغاء تردد الصدى، فقرر الاستغناء عنه، لأنه مجرد ظل ثقيل له.

لكن المشكلة هي ادمان البشر على التلذذ بنفاقهم وتدليلك عواطفهم كالعضلات من اجل الاسترخاء، بقدر ضيقهم بالحق والمصارحة، لكن الانسان يعود الى رشده بعد فوات الاوان.

حدث هذا على امتداد تاريخنا، وان كان قد بلغ ذروته في عصرنا، فالاخطاء التي تحولت الى خطايا وذهب ضحيتها ملايين الناس، وجدت من يتغزلون بها ولو كان اصدقاء ومستشارو صانعي القرار على قدر ولو محدود من الامانة المعرفية والاخلاقية لكان الحال غير الحال.

لكن هؤلاء لم يروا أبعد من أنوفهم ومن يومهم فكانت حكاية الدّب الجاهل أبرأ وأقل أذى من حكايتهم لأنهم لم يلقوا حجارتهم على رأس رجل واحد بل على أمة برمتها.

وهناك حكاية آسيوية قديمة تروى عن طاغية قرر ان يعاقب من لا يمتدح اخطاءه بالموت، وحين علم بأن رجلاً واحداً أصر على عدم الامتثال لهذا الأمر أحضره وسط عدد كبير من الناس ليكون ذبحه عبرة للآخرين ممن تسول لهم أنفسهم العصيان. وفي اللحظة الحاسمة صاح الطاغية بالجلاد قائلاً له.. لا اترك لهذه البلاد رجلها الوحيد، انها من بعده أرملة..

فكم أرملة الآن من البلدان وليس من النساء فقط في هذا العالم الأعمى، فالطاغية له لحظة استفاق فيها لأنه فكر فيها ببلاده، وبالمناسبة فان الطغاة ايضا ليسوا سواسية قدر تعلق الامر بأوطانهم، رغم صعوبة المفاضلة بين نار الطغيان ورمضائه.

فهل يأتينا زمن نقلع فيه عن ادمان عادة علنية قبيحة هي التلذذ بمديح الأخطاء؟

أم ان قدرنا ان ندفع أثماناً مضاعفة للطغاة والدببة معاً، رغم أن الذباب في كل الحالات هو ما ينجو من حجارتنا!!؟ 

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات