حصاد الممانعة البائس

تم نشره السبت 31st آب / أغسطس 2013 01:03 صباحاً
حصاد الممانعة البائس
حازم صاغيّة

في التردّد والتمهّل الغربيّين، من انتظار تقرير المفتّشين إلى ما عبّر عنه تصويت مجلس العموم البريطانيّ، تقيم التجربة العراقيّة في مكان عميق. يصحّ هذا على عدم استيفاء الشروط التي تسمح بشنّ حرب مغطّاة قانونيّاً صحّته على النتائج التي انتهى إليها العراق بعد حرب 2003، حيث لم تقلع الديموقراطيّة فيما نشبت النزاعات المذهبيّة واستقرّت بلاد الرافدين في أحضان إيران.

لقد فعلت ذاكرة العراق فعلها لجهة التوصّل إلى دروس وعِبَر يبقى من المبكر الجزم في تفاصيل التعلّم منها.

هذا في ما خصّ أحد طرفي النزاع. أمّا الطرف المقابل، أي النظام السوريّ وجوقة الممانعين، فتُظهرهم التصريحات والإطلالات التلفزيونيّة على أنّهم لا يستندون إلى أيّة ذاكرة تاريخيّة يستمدّون المعاني منها. لا بل يلوح أنّ التعرّض لـ «العدوان»، وهو تعرّض جوهريّ لا يتغيّر، ولا يتغيّر المعتدون فيه ولا الضحايا، هو وحده تلك الخلفيّة «التاريخيّة» التي يُبنى عليها! فإذا حصل بعض الهبوط الاضطراريّ إلى الواقع، تمّ الاستشهاد بمحطّات هي إمّا هزائم مطنطنة (1967 عربيّاً أو 1982 لبنانيّاً) أو انتصارات مزعومة مطعون بصورتها النقيّة هذه (حرب السويس في 1956 أو حرب تمّوز في 2006).

وما أزمة العلاقة بالماضي، بموقعنا منه وموقعه منّا، غير تعبير عن أزمة العلاقة بالحاضر، وفي القلب منه مسألة الحرب التي تكثّف تلك العلاقة. فإذا امتدّت الحيرة حيال الضربة الغربيّة بين إضعافها نظام الأسد وإسقاطها إيّاه، امتدّت الحيرة حيال الردّ عليها على نطاق أعرض كثيراً، بحيث استحال الكلام عن «ردّ».

ذاك أنّ حلف الممانعة لا يملك وسطاً أو هامش مناورة بين حدّي السكوت والإذعان من جهة وإشعال حرب عظمى ينتحر فيها من جهة أخرى. صحيح أنّ «حزب الله» يمكنه أن يستهدف إسرائيل بصواريخه، كما أنّ في وسع إيران أن تستهدف الخليج مدناً ومنشآت نفطيّة. ويستطيع الطرفان أن يستهدفا الرعايا الأوروبيّين والأميركيّين في رقعة واسعة من هذا الكوكب. إلاّ أنّ «برنامجاً» كهذا، وهو الشيء الوحيد الذي يملكه الممانعون، يزعزع أعصاب العالم، لا المنطقة وحدها، بحيث لا يقدم على تنفيذه إلاّ الجنون وقد تجسّد شخصاً.

وهذا ما يسمح بالقول إنّ الإيرانيّين، على رغم العنصر الإيديولوجيّ العزيز عليهم، قد يميلون إلى تغليب العنصر البراغماتيّ الموجود فيهم أيضاً. وهنا ينتشر همس كثير يتوزّع بين تعويل على حسن روحاني، الذي آن لـ «اعتداله» أن يُعطى فرصة، وكلام عن وساطة عُمانيّة بين طهران وواشنطن، وآخر عن وعود غربيّة بالنظر إلى المسألة النوويّة في إيران بعيداً عن ابتزاز التحالف مع نظام الأسد.

ولئن جزم الروس، على لسان بعض كبار رسميّيهم، بأنّهم لن يشاركوا في أعمال قتاليّة في حال انجرار المنطقة إلى العنف، فهذا سبب آخر للافتراض أنّ طهران قد تحذو حذو موسكو، فتدين وتشجب وتهدّد وتتوعّد ولا تفعل شيئاً.

وقصارى القول إنّ الممانعة اليوم تخوض معركة بلا نموذج ولا معيار ولا أفق. أمّا «الجماهير العربيّة والإسلاميّة» التي يُفترض بتلك الممانعة أن تمثّلها، فمشغولة بأمور كثيرة ليس في عدادها التضامن مع النظام الدمشقيّ.

لقد تجمّعت فواتير التاريخ الكثيرة التي لم تُسدّد، ويبدو أنّ المطالبة بالسداد على الأبواب.

( الحياة اللندنية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات