إصلاح القضاء أو القضاء على الإصلاح
وصلت حالة الضعف في فاعلية القضاء إلى درجة أنها تؤدي إلى إجهاض عمليات الإصلاح التي يتم انجازها في العديد من أجهزة الدولة. فضعف القضاء حقيقة لا مفر منها، ولا بد من تبني أفضل وأسرع السبل لمعالجة جوانب الخلل في القضاء.
الجهاز القضائي يعد أكثر الأجهزة قدرة على مقاومة التطوير والإصلاح.. وذلك لأسباب عديدة أهمها وجود نقص في تشريعات أو عدم تطوير بعض التشريعات منذ عقود طويلة.
وإليكم بعض الحقائق المذهلة عن قضائنا..
نسبة موازنة العدل الى موازنة الدولة في الأردن تساوي 0.008%، بينما المعدل العالمي 0.9%. أي أن معدل ما يخص للعدل عالميا أكثر مما يخصص في الأردن بـ 113 ضعفا.
عدد القضاة لكل 100,000 فرد أردني يساوي 12 قاض، بينما المعدل العالمي يساوي 6 قضاة لكل 100,000 فرد. أي أن عدد القضاة في الأردن ضعف المعدل العالمي، وهذا يستدعي أن تكون سرعة التقاضي ضعف معدل سرعة التقاضي عالميا. فكيف سيتم إدارة هذه المصادر البشرية لمعالجة بطء إجراءات التقاضي بحيث تصبح تستغرق مدة أقصر؟
حين تم تقييم الوضع الحالي للإدارة القضائية عام 2007، كان من أبرز المشاهدات أن جراءات التقاضي بطيئة؛ وضعف كفاءة الخدمات المساندة؛ وإجراءات تنفيذ الأحكام المدنية بعد اكتسابها الدرجة القطعية طويلة ومعقدة؛ والقضايا متراكمة بأعداد كبيرة في دوائر تنفيذ الأحكام المدنية والجزائية؛ وضعف التنسيق بين محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية.
ما أشبه الليلة بالبارحة!! فرغم مضي أكثر من ست سنوات: مكانك سر يا وطن.
ومع التغيير الوزاري الأخير تسلم معالي الدكتور بسام التلهوني حقيبة العدل. وكالمعتاد، بعد أن تلقى معاليه قسطا من التهاني والتبريكات وتعرف على زملائه في الوزارة، يجد نفسه أمام تحديات كثيرة. فما هي البرامج والمشاريع والآليات التي سيتبناها معاليه للمساهمة في معالجة ضعف فاعلية القضاء أمام هذه الحقائق. كما أنه سيكتشف أن ملفات القضايا التي سلّمها بنفسه إلى القضاء منذ سنوات - مثل قضية الاحتيال الكبرى المعروفة باسم "قضية أموال إنفست" لا زالت تراوح في ظلمة خزائن المحاكم أو على رفوفها.
كانت الرؤية لاستراتيجية تطوير القضاء للأعوام (2007 – 2009) تتضمن "تحقيق العدالة الناجزة"؛ و"المساهمة في تعزيز بيئة الاستثمار"؛ و"تحقيق التنمية المستدامة". هل واقعنا الحالي يشهد بأن هذه الرؤية قد تحققت؟
هل سيجد معاليه بين يديه ولو دراسة تقييمية واحدة أجرتها جهة خارجية تكشف عن مدى تحقق هذه الرؤية بإستخدام مؤشرات الأداء ذات دلالة جوهرية.
هذا الواقع المخيف يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية توفر الدعم الكافي للوزير الجديد المعروف بمهنيته العالية، فهو صاحب قرار والمشهود له بأنه غير قابل للاختراق. ونأمل أن نشهد على يديه معالجة ضعف فاعلية جهازنا القضائي – إن شاء الله.