اللي استحوا...!

تم نشره الثلاثاء 03rd أيلول / سبتمبر 2013 01:19 صباحاً
اللي استحوا...!
خيري منصور

قد يكون أصل هذه الحكاية معروفاً لمعظم الناس، فالنساء اللواتي فضلن الموت في الحمام المحترق على الفرار عاريات فقدن الحياة، لكن الحكايات كلها وعلى اختلاف مناسباتها تقبل تأويلات لا آخر لها، فالذين استحوا أيضاً ماتوا، لكن هؤلاء لم يكونوا عراة في حمام تركي كما حدث للنساء، بل هم رجال أدركوا أن الحياة عندما تكون منزوعة الكرامة والحرية والمعنى لا تستحق أن تعاش، فكانوا القطفة الأولى لحروب وثورات ورثها عنهم من هم أدنى مرتبة في الكبرياء وأكثر تشبثاً بالحياة حتى لو كانت على خازوق.

وقد نشرت تقارير من ضحايا الحرب في سورية خصوصاً بعد الاستخدام المشكوك بمصدره للاسلحة الكيماوية فكان اكثرهم من النساء لأن اول ما يتطلبه انقاذ المصاب هو خلع ثيابه لأنها بيئة نموذجية لامتصاص السموم وبالتالي توصيلها الى مسامات الجسد. وثمة في عالمنا هذا الذي اصبح فيه كل شيء مباحاً ومتاحاً من يخجلون، سواء كانوا رجالاً أو نساء، بحيث يفضلون الموت على أن تظهر عوراتهم على الشاشات كي يتسلى بها العاطلون عن انسانيتهم ووطنيتهم ويعيشون فقط في نطاق الضرورة الذي ترسمه الغرائز وحدها.

وهناك عبارة تنسب الى جيفارا عن وقود الثورات الذين يتقدمون الصفوف ويفقدون حياتهم من أجل الآخرين مقابل أناس ينتظرون بعيداً عن النار كي يقطفوا الثمار بعد أن تتحول الى رماد. أما النساء فلهن حكاية أخرى لا تنسب الى روزا لوكسمبرغ أو جان دارك أو حتى كوندليزا، فقد صحون ذات يوم في زمن غابر وقررن الثورة على الذكور الذين احتكروا الحياة والحروب.

انهن الأمازونيات اللواتي بترن أثداءهن كي لا تعوقهن عن استخدام القوس وأدوات الحرب البدائية.

ان بعض الأقوال المأثورة رغم بساطتها الظاهرية هي أقرب الى السهل الممتنع، ومنها اللي استحوا ماتوا، فتعالوا نقرأ قائمة طويلة بأسماء نساء ورجال من مختلف أقطارنا العربية قرروا أن يموتوا عندما أصبحت الحياة أشبه بعورة كبرى أو مجرد حفلة تعذيب تمتد عبر كل مراحل العُمر.. فالرغيف المسموم أنظف وأسلم من رغيف منقع في ماء الوجه أو دم الشقيق.

لهذا لم تكن المفاضلة عسيرة بين حيّ ميت تأجل دفنه وزكمت رائحة جثته أنوف البشر والشجر والحجر وبين ميت حيّ تفرغ للسهر في قبره المضاء بكهرباء أخرى لا تنقطع ولا فواتير لها هي كهرباء كبريائه التي حولت موته الى قيامة.

فهل تغير الزمان بحيث أصبح كل شيء مقلوبا على قفاه، فنقول مثلاً اللي استحوا عاشوا أو الحرة هي التي تأكل بثدييها عندما تجوع أو كلب حيّ خير من أسد ميّت؟

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات