مريم اللوزي بألف رجل
دائماً ما نكون عرضة لاستحقاقات ذات مسؤولية واضحة في طبيعة اختيارنا لأشخاص يمثولننا في منابر سياسية أو اجتماعية أو اعلامية مختلفة، ودائماً ما يكون أمامنا اختيارات متعددة تجعلنا نقع في بوتقة الفوضى بماهية الأفضل والأنسب من بين الأعداد المتاحة أمامنا في طبيعة تكوين هذا الشخص أو ذاك، ونسأل أنفسنا سؤالاً واحداً عن الشخص الذي نريد ان نختاره للمسؤولية وكيف يعكس أداؤه في تلبية طموحات المجتمع وتنفيس الضامن في قلوبهم. وقد نحسن الاختيار تارة وقد نسيئه في تارة أخرة. ولكن يبقى هناك من يقنعك بحسن اختيارك أو من يجعلك تندم على سوء الاختيار للأبد. وهذه بطبيعة الحال تعكس مدى جدية المعادلة الاجتماعية الوليدة أصلاً في داخل كل فرد من أفراد المجتمع. ولكن كون الفرد بطبيعته ميالٌ إلى التجربة وكسب الخبرة، فإنه بدون شك يبقى مقتنعاً بآلية اختياره للأفراد الممثلين له ولمجموعة المجتمع حتى يصح الصحيح ويدرك حينها أن ما تم اختياره هو إما مساعد أو مشكك وغير ذي فائدة.
قد أصاب البعض وسجل على بقية المجتمع علامات فارقة عندما صوت بقلب وبضمير للمرشحة التربوية الفاضلة الدكتورة مريم اللوزي، التي فاجئت العديد من أبناء المجتمع بنتيجتها الكاسحة عندما فازت بتمثيل الآلاف في مجلس النواب بعيداً عن المال السياسي، أو العشيرة، لتثبت عن جدارة أن المرأة الفرد في المجتمع هي مكمِّل أساسي لباقي كينونة التشكيل الاجتماعي وأنها قد تقوم بدورها بطريقة تنافسية امتيازية تفوق قدرات أصحاب القدرات الواهمة سواء كان ذلك داخل القبة أو خارجها وأنها منافس حقوقي قوي مقابل الذكورية الزائفة الواهمة بمصالحها الشخصية.
فلطالما أثبتت مريم اللوزي أنها قادرة على التدخل في الوقت المناسب لصالح المجتمع دون العشيرة والمحسوبية، لأنها تدافع عن أفراد مجتمع بأكمله، ولا تدخل أي حسابات شخصية في أجندتها، لأنها إنما سعت لتكون هدفاً لصالح أبناء الوطن ككل، وليس لفئة عن سواها. فقد نجحت في إبراز ما حاول الكثيرون اخفاؤه سواء كان بالرد على قوانين أو أجندات شخصية لأشخاص آخرين، كانوا باتجاه مغاير لما رسمته لهم ضمائرهم. فواجهت كل محاولة للتعدي على الحق الفردي في النصيب العام، ولم تكن يوماً خاضعة لتكتلات نيابية لا تضع أولى أولوياتها المصلحة المباشرة لأبناء مجتمعها ككل، فهي لا تهتم بشخصها بأي رد إن كان ذلك في اتجاه مغاير لما تربت عليه وما تمسكت به من حلم طموح أوصلها لتكون مسؤولة به أمام الله وأمام الجميع. فقد نجحت في ان تتحدى الاتجاه الآخر الذي عاكس قدراتها ومنعها من أن تتبوء مناصب عليا، ظناً منه أنها إمرأة قاصر لا تمتلك سوى مهارات قليلة لا تمنحها الأولوية، ولكنهم تناسوا أنها المرأة الناجحة التي نجحت بقلب معادلة ضعف المرأة أمام الرجل ونجحت في نيل الجوائز التي تستحقها كل امرأة تخاف الظهور والتمرد، وقد تناسى الاتجاه الآخر التجربة الفريدة التي قامت بها اللوزي في عملية التغيير الجذري لأماكن تسلمت قيادتها لتحولها إلى نموذج متحضر بامتياز قادر على المنافسة المشرفة بين الآخرين.
ولذلك فإن الجميع بحاجة إلى مراجعة شاملة لتفكيرهم باختيار الأفضل على اعتبار أن مصالحنا متشابهة ولكنها تختلف بطريقة الدفاع عنها ومن يمثلها. كما أن المسؤولية مربوطة مباشرة بأصحاب القرار لاختيار الشخص المناسب في المكان المناسب لتثبت حسن نوايها في قمع التضارب الفكري الأصولي الشخصي المتجذر والمنتشر في قبة البرلمان والمراكز السياسية الأخرى في الحكومات المتتالية، إلا إن كانوا ما يزالون يخافون الحق، أو يخافون الـ "لا" التي تتعارض ومصالحهم الشخصية.
هي المرأة الرجل إن سمحت لي بتشبيهها بزمن قد عيبت فيه رجاله، لتكون ممثلة لكل رجال الوطن ونساؤه وأطفاله وخيراته المسلوبة، هي المرأة التي هاجمت الموت لتحمي زميلاً لها لا تربطها به سوى العلاقة بين الخير والشر والحق والكفر.
اليوم وأكثر مما مضى أثبتت اللوزي أنها ليست ممن يتسلقون المناصب، ليبنون عليها علاقات مع نَكِراتٍ على أجساد وطموحات المجتمع، يبحثون عن التعريف لهم، من خلال المراكز والمسؤوليات.
اليوم أكثر من اي يوم مضى، علينا أن نختار الاشخاص المُعرفين بذاتهم، وليس بمناصبهم، علينا الانتباه الى أولئك النكرات الذين يستخدمون المال السياسي ويسخرونه لاجل لام التعريف ليصلح موجوداً دون نكرة.
مريم اللوزي هي الانسان الذي نحلم به ليكون يوماً ما نريد ... فبوركت أمة هي فيها بألف رجل....