لا ثورة قطعوا ولا دولة أبقوا!!

تم نشره الأحد 15 أيلول / سبتمبر 2013 01:27 صباحاً
لا ثورة قطعوا ولا دولة أبقوا!!
خيري منصور

بعيداً عن حكاية الغراب سواء أراد تقليد مشية الحمامة أم هديلها، فالتاريخ أشد تعقيداً من كل الحكايات، لأنه ماكر أولاً وفيه كمائن لا تحزرها حتى زرقاء اليمامة، لقد تشكلت الدول باقانيهما الكلاسيكية المعروفة خلال قرون وأحياناً خلال ألفيات، وعلق بها الكثير من الصدأ الذي يعوق مفاصلها عن الحركة وهو ما يسمى بيروقراطية الدولة العميقة، لكن ليس بالمعنى المتداول اعلامياً الآن عن مفهوم العمق في الدولة.

وفي ثقافة اختزالية طالما حذفت الأبعاد كلها لصالح بعد واحد مرئي بالعين المجردة، فان الخلط كان متوقفاً بين مصطلحي الدولة والنظام، فبدت المسالة كما لو أن الثورة تستهدف الدولة بكل مكوناتها وتسعى الى تفكيكها لاقامة بديل جديد لها، لهذا كان من أوائل الضحايا في الحراكات العمياء والباحثة عن بوصلة متاحف ومعابد وبنوك ومؤسسات دولة مما يذكرنا بردود الأفعال المبالغ فيها والتي أعقبت الحقبة الستالينية في روسيا، حيث شرع البعض في تهديم عمارات وخلع سكك حديدية لأنها شيدت في زمن ستالين، لكن سرعان ما أدرك الناس أن تلك المنشآت هي ملك لأجيالهم، وهذا ما تنبه اليه جمال عبدالناصر عندما رأى بعض الضباط يتورطون بمثل هذه المراهقة السياسية، ويضعون أسماء كتاب وفنانين في قوائم سوداء لأنهم عاشوا فترة ما قبل الثورة وكتبوا وغنوا فيها ومنهم أم كلثوم التي أصدر الضابط «كيلاني» عندما كان مديراً للاذاعة بعد يوليو أمراً بمنع أغانيها، فكان تعليق عبدالناصر المشهور هو: خذ فأساً أو جرافة يا كيلاني وأهدم الأهرام لأنها شيدت قبل الثورة، أو أوقف النيل عن الجريان لأنه كان يجري ايضاً قبل الثورة.

لقد أدى الخلط بين الدولة والنظام إلى حالة من العمى السياسي الذي نرجو أن يكون مؤقتا، وتوهم البعض أن بمقدورهم البدء من أول السطر في التاريخ وكأن كل ما مضى انتهت صلاحيته لم تهدم ثورة اكتوبر الروسية قلاعاً ومعالم باذخة أنجزت في زمن القياصرة ولم تهدم الصين سورها أو المدائن المحرمة لامبراطورها الأخير عندما شرعت في ثورتها الثقافية، لأنها لو فعلت ذلك لانتحرت!

ما نخشاه هو أن العربي الذي أفقده فائض الكبت رشده السياسي يتحول الى مُنَبت، بحيث لا دولة أبقى ولا ثورة قطع، لهذا فنحن في العالم العربي مهددون بفراغ يشمل مناحي الحياة كلها، بحيث لا تتوقف المساعدات والمديونيات عند دولة كبرى أو بنك دولي، بل تشمل الثقافة وترميم الآثار والزراعة والصحة، لأن هاجس السلطة وجنونها ينسي البعض أنهم سوف يصحون في اليوم التالي على أطلال وخرائب في عواصم تعج بأحصنة من خشب!!!

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات