السلطة السورية عاريةً

تم نشره الثلاثاء 17 أيلول / سبتمبر 2013 01:13 صباحاً
السلطة السورية عاريةً
حازم صاغية

ظهرت خلافات كثيرة في تأويل الاتفاق الأميركي – الروسي الأخير، وما إذا كان هزيمة للنظام السوري أو انتصاراً. لكن شيئين اثنين أجمع عليهما المراقبون والمتابعون الجديون من دون استثناء تقريباً:

الأول أن الديبلوماسية الروسية أنجزت ما لم تنجزه منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. إلا أن هذا الإنجاز نفسه، على ضخامته، يبقى محدوداً ومرهوناً بجر روسيا للتعاطي الإيجابي مع القوى الغربية في مجلس الأمن. أي أن القوة الروسية هي ما تُخليه لها القوة الأميركية مقابل تكيف الأولى مع المعايير التي تضعها الثانية.

أما الثاني فمفاده أن إسرائيل كسبت كسباً صافياً بإزاحة ما أسماه النظام السوري (من دون أن يعترف بوجوده!) معادلاً استراتيجياً لقوتها النووية. لقد بكرت إشارات هذا التحول في الظهور، فكانت زيارة جون كيري إلى تل أبيب والضحكات الملعلعة التي تبادلها مع بنيامين نتانياهو.

وبغض النظر عما إذا كان السلاح الكيماوي السوري معادلاً استراتيجياً للنووي الإسرائيلي أم لا، يبقى أن النظام السوري، تبعاً لمزاعمه، ضحى بهذا المعادل الذي يؤسس، افتراضاً، للتوازن مع الدولة العبرية. ذاك أن بقاء النظام يفوق كل هدف آخر أهمية.

ولا يعني إدراك تلك الحقيقة البسيطة إلا أن السلطة السورية فقدت القدرة على ممارسة ممانعتها التي قيست وتقاس بالموقف من التوازن مع إسرائيل.

بلغة أخرى، توج الاتفاق الأميركي – الروسي إفقاد السلطة السورية كل مضمون عقائدي أو قيمي تدعيه لنفسها. فحكم الحزب الواحد، إذا افترضناه قيمةً، تحول منذ زمن طويل حكماً للأجهزة الأمنية ذات اليد الطولى. أما ذكر «الوحدة والحرية والاشتراكية» فلا يحض، منذ عقود، إلا على المطالبة بوقف المزاح.

هكذا يحكم بشار الأسد اليوم من دون بعث، ومن دون وحدة وحرية واشتراكية، ومن دون صراع مع إسرائيل أو قدرة على بناء «توازن استراتيجي» معها. وهذا يذكر، على نطاق أصغر طبعاً، بسلاح حزب الله اللبناني في ظل القرار 1701 الذي أنهى عملياً الصراع مع إسرائيل عبر جنوب لبنان.

يتبقى من هذا كله، وعملاً برواية النظام السوري، لا بتصديقنا لها، أن بشار والمجموعة المحيطة به تريد أن تحكم السوريين بالطريقة التي تحكمهم فيها لمجرد أنها تريد أن تحكمهم.

أمام هذه الحقيقة يتقلص تأويل أيديولوجي – جغرافي سياسي يرد الصراع مع الغرب إلى مصالح غالباً ما يتصدرها النفط. وقد سبق أن قيل مراراً إن النفط هو ما قاد الأميركيين والغربيين إلى العراق وليبيا. لكن التحليل البائس هذا فاته أن صدام والقذافي كانا على أتم الاستعداد لرهن النفط في بلديهما للمصالح الغربية مقابل إبقائهما في السلطة.

إذاً لا معنى لتحليل ما يجري من دون الانتباه إلى الاستبداد والتمسك بالسلطة لذاتهما، لا لبلوغ أي غرض أيديولوجي مزعوم. والمرض هذا يجد ما يسنده في الجماعة الأهلية التي تلتف حول الحاكم المستبد، بحيث يغدو السوسيولوجي أنفع كثيراً من الأيديولوجي والجيو استراتيجي لفهم ما يجري.

أما في ما خص ادعاءات الانتصار، فيكفي التذكير بأن السلطة السورية الحالية سليلة سلطة قالت إنها انتصرت في حرب حزيران (يونيو) 1967 لمجرد أن النظام «التقدمي» لم يسقط!

( الحياة اللندنية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات