الاغتراب الحكومي ومسلسل رفع الأسعار

تم نشره السبت 21st أيلول / سبتمبر 2013 01:49 صباحاً
الاغتراب الحكومي ومسلسل رفع الأسعار
حسن احمد الشوبكي

أمست جلسات مجلس الوزراء شبحا يطارد أحلام الفقراء، ويقضّ مضاجعهم؛ إذ لا يكاد يحمل مساءا السبت والثلاثاء؛ موعد اجتماع الحكومة، إلا مزيدا من الهموم والأوجاع للأردنيين الذين لا يعرفون إلى أين يفرون من قرارات تلاحق جيوبهم.

لم تبدأ القصة بالمشتقات النفطية، ويبدو أنها لن تنتهي برفع الرسوم الجمركية على الملابس المستوردة إلى نسبة 20 %، وما بينهما من رفع لأسعار الكهرباء والاتصالات، واستعداد لرفع أسعار المياه والخبز. ولا يوجد على جدول أعمال جلستي الحكومة الأسبوعيتين إلا البحث عن وجه جديد للجباية، في ظل غياب أي خطة حقيقية لسد عجز الموازنة أو ضبط الإنفاق.

في غمرة السخرية من كل ذلك، يذهب التحليل إلى ما يمكن تسميته "اغترابا حكوميا" عن الواقع المعاش لمعظم سكان البلاد. ويتلخص هذا الاغتراب في أن الحكومة لا تعي جيدا معاناة الأردنيين! وأن القرارات التي تتخذها تتسبب في مزيد من نكد العيش للفئات التي تعاني، وما أكثرها! وهذا ما كشفته قبل خمسة أشهر نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية؛ إذ اتضح أن 36 % فقط من الأردنيين يعتقدون أن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح، في مقابل أكثر من نصف المستجيبين الذين يرون أن الأمور تسير بالاتجاه الخاطئ.

اليوم، وبعد كل هذا التجريب والفشل، تكشف لنا نتائج أي استطلاع دقيق مقبل أن النسبة الغالبة من الأردنيين تعتقد أن الأمور تسير بالاتجاه الخاطئ حتما. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الفقر والبطالة والأوضاع المعيشية وحالة الاقتصاد ومؤشراته عموما، تلعب دورا أساسيا في توجيه مزاج الأردنيين، يكون هذا المزاج اليوم في أسوأ حالاته، لاسيما أن مسلسل الرفع الحكومي للأسعار لم ينته بعد، وشموليته بلغت درجات لم يكن يتوقعها حتى الكتاب الساخرون!

يصرخ المواطنون ببعض الأسئلة همسا: هل دور الحكومة ينحصر في إضفاء المزيد من النكد والتعب والوجع على حياة المستهلكين؟ كيف سنستقبل فصل الشتاء وعيد الأضحى، وقدراتنا اختفت بعد كل هذا التصاعد في الأسعار؟ لماذ تلجأ الحكومات دوما إلى جيوب المواطنين؟ ومن قال إن ثمة ما تبقى في هذه الجيوب؟ لماذا تستسهل الحكومة خسران ما بقي من ثقة بها، وهي التي لم تقدم برنامجا اقتصاديا يساعد الأردنيين على مغادرة مربع رفع الأسعار، أو التمهيد لإيجاد حلول عملية لأزمات الاقتصاد المزمنة؟

بالعودة إلى قرار رفع الرسوم الجمركية على الملابس المستوردة، فان التبريرات التي ساقتها الحكومة لا تقوى على الصمود لإقناع المؤسسات والأفراد في الدولة على حد سواء. فحديث حماية الصناعة الوطنية وتشجيعها لا يأتي هكذا بدون مقدمات موضوعية، وهو بالمناسبة حديث مخادع. فالصناعات المحلية تغطي أقل من خُمس احتياجات السوق من الألبسة، كما يؤكد تجار كبار. ولن يتسنى لصناعة مثخنة بالجراح وغير منافسة، سد العجز الناجم في الطلب على الملابس، لاسيما وفصل الشتاء على الأبواب.

التداعيات المحتملة لقرار رفع الرسوم على الملابس المستوردة، ومعه قرارات أخرى في ذات الحيز الذي تتحرك فيه الحكومة، ستؤدي إلى إخراج تجار كثر من السوق، وتصفية أعمال نشأت للتو، وأخرى عمرها سنوات وربما عقود. هذا علاوة على الغلاء الذي سيتدحرج ككرة الثلج، في موازاة مواطن يفقد الثقة يوما إثر يوم بمن يتولى شأنه العام ومنه الاقتصادي.

( المصدر : الغد الاردنيية 21/9/2013 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات