إحزر "أين" اوباما !

هل تبقى الترسانة الكيميائية في سوريا وهل سنكون امام مذابح جديدة على طريقة جريمة الغوطتين؟
عندما يقول فلاديمير بوتين ان ليس في وسعه التأكد مئة في المئة من ان خطة تدمير الاسلحة ستنفذ بنجاح، ثم عندما يبلغنا وزير دفاعه ان روسيا ليس لديها خطط لتدمير هذه الترسانة على اراضيها، ثم عندما يقول بشار الاسد لمحطة "فوكس نيوز" وبلهجة لا تخلو من السخرية، انه مستعد لتسليم الكيميائي الى من يريد تحمل مخاطره فلماذا لا تأخذه اميركا، ونتذكر انه كان قد اعلن انه لن يسلم ترسانته ما لم تتوقف التهديدات الاميركية وما لم توقف واشنطن دعم "الارهابيين"... امام هذا المسلسل من التراجع المتسارع بعدما ثبت ان تهديد اوباما بالضربة العسكرية مجرد مسخرة واهمة، وان "المبادرة الروسية" انقذته من فضيحة العجز عن تنفيذ تهديداته، ليس كثيراً الافتراض ان الترسانة او بعضها قد يبقى ويستخدم من جديد، وخصوصاً في ظل الاصرار الروسي على تشتيت المسؤولية عن جريمة الغوطتين!
ما يشجع على هذا الافتراض ليس اصرار بوتين على اتهام المعارضة بجريمة الغوطتين فحسب، بل محاولته دحض الدليل القاطع، اي الكتابة الروسية التي اكتشفها فريق المفتشين الدوليين على بقايا الصاروخ الجاني، فهو لم يتوانَ عن القول "ان هذا الصاروخ سوفياتي قديم الصنع لم يعد الجيش السوري يستعمله"[!] ولكأن الخبراء الروس هم الذين يديرون مرابض الصواريخ التي تدمر سوريا منذ 30 شهراً تقريباً!
الغريب ان بوتين الذي يصر على تعطيل الشرعية الدولية عبر اقفال مجلس الامن بالفيتو، والذي لا يتردد في اتهام مفتشي الامم المتحدة بالانحياز، يسارع الى التمسك بهذه الشرعية، فلا يتوانى في القول ان مسألة استخدام القوة يجب ان تناقش في مجلس الامن لا في الكونغرس الاميركي!
من خلال كل هذا يبدو ان سوريا ستبقى عالقة في وحولها الدموية، فلا مسألة الترسانة ستجد حلاً سريعاً، ولا مؤتمر جنيف سيقدر على حل عقدة رحيل الاسد، والدليل ان سيرغي لافروف يواصل "السباحة ضد التيار" كما قال جون كيري، عندما يتحدث عن خيارين: إما الهاوية وإما الكارثة !
اما الهاوية في نظره فهي استخدام القوة لحل الازمة السورية، بما سيدفع النظام العالمي الى الانهيار على رغم ان روسيا تعطّل هذا النظام، واما الكارثة فهي "وصول المعارضة السورية الى الحكم لأن معظمها من المجرمين وقطّاع الطرق"، لكن موسكو هي التي تعطل الحلول فلا تترك مجالاً لمخرج بين الهاوية والكارثة!
اذاً هل ننسى قصة الكيميائي؟ واضح ان المعارك مستمرة وان روسيا انهت خطتها لإجلاء رعاياها السبعة آلاف من سوريا، ولكن من يعرف اين هو اوباما وبماذا يفكّر، يربح المليون... عيب!
( النهار اللبنانية )