التهديد الإيراني ليس نووياً فقط

تم نشره الخميس 26 أيلول / سبتمبر 2013 12:49 صباحاً
التهديد الإيراني ليس نووياً فقط
حسان حيدر

الخطأ الذي ارتكبه الأميركيون خصوصاً، والغرب عموماً، باختزال الأزمة السورية الدامية المستمرة منذ عامين ونصف العام، وقصرها على ملف ترسانة بشار الأسد الكيماوية، مرشح لأن يتكرر مع ايران، عبر اختصار الأزمات المتعددة معها بملفها النووي، في مثال جديد على عدم اكتراث الغربيين بالمشكلات الحقيقية في المنطقة واكتفائهم بالسعي لحل ما يمسهم منها وما يزعج حليفهم الفعلي الوحيد: إسرائيل.

صحيح أن الملف النووي الإيراني يشكل مصدر قلق لمختلف دول المنطقة والعالم، لكن هناك أموراً أخرى غير التخصيب ومستواه وإمكانات امتلاك قنبلة نووية لا بد أن يشملها «الاعتدال» الإيراني المستجد، إذا كان لقيادة روحاني أن تثبت جديتها في تخفيف التوتر مع العالم العربي، وألا تكون المرونة المعروضة مجرد تعابير ديبلوماسية وبلاغة في الخطابة، ذلك أن لـ «حسن الجوار» شروطاً لا بد أن تلبى ومعايير لا بد أن تحترم.

والامتحان الحقيقي هو أن تتوقف ايران عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، طوراً باسم فلسطين والقدس وتارة باسم الإسلام والمسلمين. ولا احد بالطبع يمانع في نصرة الإيرانيين لأهل فلسطين من باب التضامن الإسلامي، شرط ألا يكون الهدف الفعلي مشاركة الفلسطينيين في قرارهم المستقل أو تحريض فئة فلسطينية على أخرى مثلما حصل عملياً.

ولا بد أيضاً وخصوصاً أن تكف ايران عن سعيها إلى تحويل الشيعة، أقلية كانوا أو أكثرية، إلى ميليشيات في أوطانهم، تأتمر بأمرها وتتبع أجهزتها وتنفذ برنامجها، بدلاً من أن يكونوا جزءاً لا يتجزأ من شعوبهم مثلما كانت عليه الحال قبل الخمينية، يصح عليهم ما يصح على غيرهم، لا أن يتحولوا إلى «دول» داخل دولهم كما هو شأن «حزب الله» في لبنان و»الحوثيين» في اليمن والتنظيمات المسلحة المتعددة في العراق.

لقد تفجرت ثورة 1979 الإيرانية لأسباب داخلية بحتة بينها الفقر والقمع وغياب الحريات، وأطلقت قدرات كامنة لدى الشعب الإيراني الذي عانى طويلاً من الاستبداد، لكنها لم تكن في البداية ثورة إسلامية، بل شارك فيها بشكل أساسي اليساريون والليبراليون والعلمانيون ممن دفعوا لاحقاً من حياتهم ثمناً لانقضاض رجال الدين على الحكم. ولا يزال بعض هؤلاء مشردين في أصقاع الأرض، ولا سيما في العراق المجاور.

ورغم أن قمع نظام الشاه لم يكن يفرق بين يساري ومتدين، إلا أن الذين تفردوا بالسلطة من بعده، نسوا بسرعة ما تعرضوا له، وها هم اليوم يدعمون طاغية آخر في دمشق بزّ الشاه في دمويته واستهتاره بشعبه، متذرعين بشعارات لا هدف لها سوى التغطية على رغبتهم في اقتسام «جبنة» العالم العربي وفرض الاعتراف بإيران «قوة عظمى إقليمية» إلى جانب إسرائيل.

لم يسعَ العرب يوماً إلى التدخل في شؤون ايران، أو إعطاء رأيهم في من يحكم الإيرانيين وكيف يحكمهم. وباستثناء الحرب التي شنها نظام صدام حسين رداً على قرار طهران «تصدير» ثورتها إلى خارج الحدود واعتباره أن نظامه مستهدف بهذا القرار، وهو ما تبينت صحته لاحقاً، ليس هناك أي دليل على أن العرب أقحموا انفسهم في خصوصيات «الجمهورية الإسلامية»، وجل ما طالبوا ويطالبون به أن تكف هي عنهم وتترك لشعوبهم حرية الاختيار بلا تحريض أو تدخل.

 ( الحياة اللندنية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات