على رصيف الانتظار: إلى متى؟

يرجّح ألا يعقد مؤتمر جنيف -2 في النصف الثاني من تشرين الثاني كما كان متوقعاً، اذ إن مؤتمرات مماثلة لا يكتب لها النجاح من دون توافر توافق ما بين الجهات المعنية مباشرة. وهي، في حال سوريا، إضافة الى اللاعبين الكبيرين أميركا وروسيا، فرنسا والسعودية وتركيا وإيران، واسرائيل بالطبع، تضاف اليها الفصائل الموجودة على الارض السورية، من النظام الذي صار واحداً في مجموعات مسلحة تتوزع النفوذ على أرض الواقع، الى جيوش وألوية وكتائب... ورغم كل الكلام الايجابي بين القوتين العظميين، الا ان لا اتفاق نهائياً بينهما على الحل. أما لدى الحلفاء، فلا دعم ولا ارتياح. فرنسا مستاءة، ومثلها السعودية وتركيا، وايران لم تغيّر في جوهر مواقفها بل اكتفى رئيسها "الاصلاحي" حسن روحاني بمبادرات شكلية "أنّبه" عليها مرشد الثورة الحاكم الفعلي للبلاد. وتناسى الجميع دور اسرائيل في المنطقة، فمضوا من دونها، حتى اضطرت أن تحسر عن أنيابها "الديبلوماسية".
واما في الداخل السوري، فلا قدرة للسلطة على الحسم، ولا قدرة للمعارضات على قلب النظام. الرئيس يتهيأ للترشح لولاية جديدة، بينما "الائتلاف" و"الجيش السوري الحر" يتفقان على خمس نقاط أهمها تنحي الأسد، فيما تدعو "قيادة الثورة" الى دعم "جيش الاسلام"، وهذه التباينات ستظل مدعومة من أطراف في الداخل والخارج.
انها صورة مشابهة لحالنا خلال الحرب التي امتدت 15 سنة قبل أن يهدأ مدفعها، ولا تنتهي مفاعيلها، بل تستمر الى اليوم، بأشكال متعددة. لكن يبدو أن اللبنانيين لم يتعلموا من تاريخهم، القريب أو البعيد، ولم يراجعوا في كتابهم مؤتمرات لوزان وجنيف، وحركة الموفدين الدوليين، التي لم تمنع استمرار الحرب 15 سنة، ولا تمكنت من محو ذيولها.
حيال هذه النظرة المتشائمة نوعاً ما، هل يمكن لبنان أن يبقى في براد الانتظار، فلا يسعى الى حلول لمشكلاته، ومنها ملف اللاجئين أقلّه، إذ ان القضية الانسانية تتحول كارثة وطنية، لا تتعلق بالأفراد اللاجئين (حتى لا نتهم من العنصريين بالعنصرية)، بل بقدرة بلدنا على الاستيعاب، وعلى ضبط الأمن، وعلى توفير المقومات الضرورية والبنى التحتية لاستضافة ما يقرب من ثلث عدد المقيمين على أرضه؟
ان وضع كل الملفات في الثلاجة وربطها بالوضع السوري، يضعنا على رصيف الانتظار الطويل، والذي لا تبدو نهايته واضحة في المدى المنظور، وبالتالي فان أمورنا الحياتية ستصبح أكثر تعقيداً، وقضايانا مؤجلة، واستحقاقاتنا الدستورية والمالية معلقة.
فعلى من تقع المسؤولية؟ كل الأطراف يتبادلون التهم بالعرقلة، وهو صراع كلامي لا يؤدي الى نتيجة. ففي التعطيل كلهم سواسية، كما هم في تقاسم المغانم عند حصول اتفاق اقليمي، كان عنوانه في ما مضى السين – سين، ولا نعلم ماذا تكون عليه التسمية مستقبلاً!
( النهار اللبنانية 9-10-2013 )