عجلون تكرم أبناءها

في لفته جميلة ومعبرة ، اقام المشرفون على المؤتمر العلمي الاول الذي كان تحت عنوان «عجلون حضارة وتاريخ» ، في جامعة عجلون الوطنية ؛ حفلا تكريميا لخمس شخصيات من ابناء المحافظة ، تحت رعاية وزيرة الثقافة «لانا مامكغ» ، بمناسبة كون عجلون عاصمة للثقافة الاردنية لعام2013م .
هذا التكريم يعبر عن منهجية جديدة تظهر اهمية لفت انظار الجيل الجديد نحو البحث عن دور رسالي نبيل ، وضرورة توجيه جهوده نحو الاسهام في تحمل واجب اداء الخدمة لاهله ومنطقته وبلده وشعبه ، ومن اجل تسخير كل ما يملك من قدرات و شهادات وعلاقات ومواقع مسؤولة، في رفع منسوب التنمية و الوعي والاسهام في عمليات البناء والتطوير والتحديث الوطني العام .
المؤتمر كان من اعداد مجموعة من المؤسسات العلمية والثقافية في المحافظة، على رأسها منتدى عنجرة الثقافي، وجمعية عجلون للبحوث ، وجامعة عجلون الوطنية ، وفرع رابطة الكتاب في عجلون، و بمشاركة من مديرية الثقافة ، وكان المؤتمر على مدار يومين كاملين ،تم فيها تقديم مجموعة من الابحاث والاوراق العلمية، التي تناولت المسيرة الحضارية لمدينة عجلون،التي شكلت احدى اهم ثلاث حواضر عربية في الحقبة الايوبية والمملوكية ، حيث استطاع المؤتمر ان يلقي الضوء على صفحات حضارية مشرقة من عمر الاردن ، يجهلها كثير من الاردنيين، فضلا عن كثير من العرب و المسلمين .
هناك حقيقة كبيرة على غاية من الاهمية و الخطورة ، تتجلى بضرورة تبصير الاردنيين بتاريخهم و تاريخ بلدهم ، الذي يعد جزءا من الذاكرة الوطنية ، ومكونا مهما من مكونات الشخصية الاردنية التي تعرضت للتشويه و التجاهل و النسيان المتعمد من اطراف كثيرة ، اسهمت في اخراج جيل ضائع ، مبتور عن تاريخه وجذوره ، ومغيب عن حاضره و مستقبله ، ومعالجة هذا الواقع تقع على عاتق العلماء و الباحثين و اصحاب التخصص والاهتمام من ابناء الاردن ، وهم كثيرون ويملأون الجامعات والاقسام الاكاديمية ، خاصة المؤرخون و الجغرافيون و السياسيون وكل المنتمين الى الحقل الثقافي بلا استثناء ، وكل الذين يعمر قلوبهم حب الاردن وعشقه ، ويشعرون بالاعتزاز والفخر بالانتماء لهذه البقعة الطاهرة، التي تقع في قلب الارض المقدسة التي حددتها النصوص المتواترة من فرات العراق الى عريش مصر، كما يقول الطبري وكثير من المحدثين الثقات .
لقد استطاع بعض المغرضين ان يستثمر في الجهل المنتشر ويخلق انطباعات مغلوطة لا حظ لها من الحقيقة! حول (الاردن) بانها منطقة صحراوية خالية؛ تسمى بر الشام تعيش على هامش الحواضر الشامية، سكانها عبارة عن اعراب و بدو رحل غير مستقرين ولا حظ لهم من الحضارة او التحضر ، واخذ بعض الجهلة يردد هذه المقولة دون وعي احيانا، و ببلاهة احيانا اخرى ، وكل ذلك ثمرة لمخطط جهنمي ماكر؛ اشرف عليه الصهاينة الذين يسعون الى تركيز كيانهم المحتل في ارض فلسطين ، من خلال تهجير اصحابها العرب الى هذه البقعة الخالية بزعمهم!!
تاريخ الاردن بحاجة الى اعادة كتابة بطريقة علمية بحثية، تتوخى الدقة و الموضوعية و المصداقية ، وبحاجة الى تجلية الحقائق المنسية ، بحيث تصبح جزءا من تكوين شخصية الاجيال القادمة ، المسؤولة عن حماية هذه البقعة ، والقادرة على تحمل امانة بناء دولة الاردن الحديثة القوية ، التي تشكل الى جانب شقيقاتها منطقة بلاد الشام و الهلال الخصيب، التي تعد جوهر الارض العربية ودرتها .
القائمون على هذا المؤتمر يستحقون الشكر و التقدير و الدعم و التشجيع، من اجل الاستمرار في هذا العمل الوطني الكبير .
( الدستور 12/10/2013 )