العيد مجموعة قيم

تم نشره الثلاثاء 15 تشرين الأوّل / أكتوبر 2013 12:45 صباحاً
العيد مجموعة قيم
د.رحيل محمد غرايبة

العيد ليس شكلاً طقوسياً فقط، كما يتوهم بعض الذين يفهمونه مناسبة لتأدية بعض الشعائر الجافة، وهو ليس مناسبة للتفاخر بالهندام الجميل والمظاهر الخادعة، وهو كذلك ليس فرصة لقضاء العطلات الطويلة على شواطئ البحار البعيدة، أو من أجل التسوق في عواصم العالم، والاقامة في الفنادق الباذخة..

العيد محطة سنوية هامة في تاريخ الأمة الإسلامية، على صعيد الأفراد والعائلات والشعوب والدول، من أجل استحضار منظومة قيم الوحدة والتعاون والتكافل والتسامح والتغافر، من أجل إعادة ترميم العلاقات البينية، وإعادة تمتين الروابط بين الأفراد في العائلة الواحدة، وبين جميع المكونات في الشعب الواحد، وبين الشعوب العربية والإسلامية التي تشكل أمة واحدة.

في غمرة الاستغراق في الحياة المادية، وفي غمرة التيه في مسارب الاختلاف، وعندما تكثر الأحزاب والجماعات من الصراع والتنافس، ويشتد إعجاب كل ذي رأي برأيه، ويزداد منسوب التعصب، وتقل فرص الحوار وتضييق مساحات التنافر، يصبح الوضع العام متجهاً نحو الأزمة والتأزم، وتظهر معالم الخطر في ظل نزوع بعضهم إلى استخدام القوة والعنف وعدم القبول بالآخر، وعدم الاعتراف بوجوده وحقه في الحياة، فضلاً عن حقه في حمل ما يريد من أفكار واعتناق ما يشاء من عقائد، واتباع ما يراه من اتجاهات سياسية وحزبية واقتصادية.

يأتي العيد في الوقت المناسب ليذكرنا بضرورة الإيمان بقيمة الحرية، التي تعد قسيماً لإنسانية الإنسان وآدميته، إذ لا جدوى من الحياة بلا حرّية، ولا قيمة للإنسان بلا فكر، ولا وزن للآدمي بلا إرادة، ويأتي العيد بالوقت المناسب من أجل إعلاء قيمة التسامح والتغافر بين الأفراد والجماعات، إذ لا تستقيم الحياة في ظل الاستسلام للخصومة، وفي ظل إطلاق العنان لكوامن الحقد والغل والحسد والتباغض التي تجعل العيش جحيماً لا يطاق، ففي العيد يتوجب على الناس وضع حد للخصومة عن طريق المصافحة وطلب المسامحة، بقلوب خاشعة مسترجعة تطلب رضا الرحمن في هذا اليوم المبارك.

لبس الجديد في العيد مطلوب ، ولكن ما هو مطلوب بطريقة أولى وأشد أن يتجه الى الخروج بقلب جديد ،ونفسية جديدة ، ووجدان جديد ، وعقل متجدد منفتح نحو بناء علاقات جديدة قائمة على الود والمحبة وسلامة الصدر .

يستحسن في عيد الأضحى ذبح الأضاحي وتوزيع اللحوم على الارحام والاقرباء والاصدقاء ، ويشكل ذلك مسألة رمزية للغداء، حتى يكف الناس عن ذبح بعضهم ، وزهق ارواح أبناء أمتهم ،وعدم التسبب في إسالة الدماء للابرياء كما يحدث في مختلف بلاد العرب والمسلمين .

العيد مناسبة لتنظيف السجون من معتقلي الرأي ومن سجناء الخصومة السياسية ،والكف عن كل أساليب الاهانة والتعذيب والتعنيف ، ومناسبة لعملية اصلاح جماعي ، ومصالحة وطنية ،يكف بعضنا عن شيطنة بعض وبكف بعضنا عن التنكيل ببعض.

العيد يذكرنا جميعا بأن الحياة لجميع الناس ،والوطن لكل المواطنين ، ولا بد أن يعترف كلنا بحق بعضنا في الوجود والحياة، ولا ضير من الاختلاف في الدين والاعتقاد والفكر والرأي ،فهذه سمة الحياة التي يجب أن نمارسها بكل معاني الاحترام القائم على الصدق وحسن التعامل والوفاء بالوعد والالتزام بالعهد.

بقي ان نقول أن التسامح علامة قوة ، والتواضع سمة من سمات التحضر والتعاون ثمرة للفكر الراقي ، والحوار مؤشر على التقدم والتمدن ، وفي مقابل ذلك فإن الغلاظة في القول والفظاظة في التعامل ، واللجوء الى التكبر والتعالي على الخلق واستعمال العنف والقوة علامة على التخلف وضحالة الفكر ، وسوء الخلق وعمق مستويات الجهل والتعصب المزري.

( الدستور 15-10-2013 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات