الأردن : لاجئات سوريات معنّفات يلجأن إلى دور الرعاية
المدينة نيوز:- أخيراً وجدت أسماء في «دار الوفاق الأسري» في مدينة إربد (80 كيلومتراً شمال العاصمة الأردنية عمان) ضالتها، بعدما حارت منذ أكثر من سنة إلى أين تلوذ من ظلم زوجها الذي يمضي غالبية وقته ثملاً، فيما يوسعها ضرباً كلما احتاج ثمناً لزجاجة من الكحول الذي يدمن عليه.ولم تجد أسماء مشكلة في اللجوء إلى هذه الدار هي وأطفالها بحثاً عن الأمان، إذ لم تكن السورية الأولى التي تلتجئ إلى الدار، فهناك 13 لاجئة سورية سبقنها ويعانين من الظروف ذاتها.
وتشرح أسماء مأساتها مع زوجها الذي فقد عمله مع بداية الأزمة في سورية، مشيرة إلى أنه نجا بأعجوبة من مذبحة نفذها «شبيحة» النظام في حق سكان منطقة التل القريبة من دمشق.
وتوضح أن مجاورين عثروا عليه، وهو ما زال على قيد الحياة ملقى بين جثث أصدقائه وعدد من الرجال الذين صودف وجودهم مع اندلاع اشتباكات بين مسلحين من المعارضة والجيش النظامي.
وتوضح أنه نقل إلى أحد المستشفيات الميدانية للمعارضة، وبقي فيها أكثر من أسبوعين يشاهد مناظر مروعة أضيفت إلى ما شاهده في الحادثة التي أحالته شبه مختل عقلي.
وتشير أسماء إلى أن مسلحين من المعارضة ساعدوا عائلتها على اجتياز الحدود إلى الأردن لاستكمال علاج زوجها وإنقاذه من الاعتقال، بعدما أصبح في أحيان كثيرة يغيب عن الوعي، ولا يقوى على التخفي أو الهروب من عناصر النظام.
وتقول إنها وأفراد عائلتها لجأوا في البداية إلى مخيم الزعتري للاجئين السوريين في محافظة المفرق (70 كيلومتراً شمال شرقي عمان)، غير أن تصرفات زوجها تسببت بالأذى لكثيرين ممن هم موجودون في المخيم. فآثرت الخروج به وبأطفالها، بعدما حصلت على كفالة تمكنها من مغادرة المخيم كحال إنسانية من أجل معالجته وإتاحة الفرصة له للعمل، لكنها وأطفالها الثلاثة (صبي وبنتان) لم يسلموا هم أيضاً من تصرفاته العنيفة، إذ أصبحوا هدفاً رئيساً لعنفه يومياً.
تقول إنه تحوّل «حيواناً هائجاً» كلما فقد زجاجة الكحول، أو فقد علاجه، بعد انقطاع المعونات عن عائلتها بسبب خروجها من المخيم، على رغم أن جمعيات إنسانية وتطوعية تبنت علاجه في أحد المستشفيات الحكومية الأردنية.
في المقابل، تؤكد أسماء أن حال زوجها صعبة، وربما من المستحيل شفاؤه بعدما تحولت إصابته بطلقة في بطنه إلى مرض يتحسن كلما واظب على تناول الدواء، فيما الكحول التي أدمن عليها في المخيم بسبب سهولة الحصول عليها هناك بأسعار رمزية، حولته إلى شبه إنسان... كسول وعاطل من العمل ويائس من الحياة.
وتشرح أسماء أن أطـفالهـا بـاتـوا يـكـرهـون والدهم بسبب ضربه إيـاهم بـلا رحمة وفي شكـل دائـم، إضـافـة إلـى صـراخه المرعب عليهم كـلـمـا سمـع صـوت منهم أو طلب أحـدهـم مـنـه أي شيء.
حال أسماء تعيشها مئات اللاجئات السوريات في الأردن، وقد بلغت نسبة السوريات المنتفعات من خدمات «دار الوفاق الأسري» في مدينة إربد وحدها، حوالى ثلث عدد المعنفات المقيمات في الدار، وفق أرقام وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية.
وتستوعب الدار حوالى 50 امرأة، فيما تقيم في الدار حالياً 14 معنفة من اللاجئات السوريات مع أطفالهن، وفقاً للناطق باسم الوزارة الدكتور فواز الرطروط.
لكن نسبة النزيلات السوريات فاق الطاقة الاستيعابية للدار، الأمر الذي انعكس ضغطاً هائلاً على خدماتها ومجمل مواردها، خصوصاً أنها الدار الحكومية الوحيدة المخصصة حالياً لاستقبال المعنفات وأطفالهن في شمال البلاد.
ويوضح الرطروط لـ " الحياة اللندنية " أن استقبال الدار المعنفات وأطفالهن من غير الجنسية الأردنية يأتي انطلاقاً من أهمية عدم التمييز بين المحتاجين للحماية الاجتماعية، وهو حق كفلته التشريعات الوطنية والمواثيق والاتفاقات الدولية التي صادق عليها الأردن.
ويشير إلى أن حماية المعنفات عمل إنساني بحت، وأن المؤسسات التابعة للوزارة تعاني حالياً من ضغط هائل على خدماتها ومواردها نتيجة وجود لاجئين سوريين، وهو ظرف طارئ «علينا التعامل معه».
وبغية تخفيف الضغط الواقع على «دار الوفاق»، يتوقع الرطروط أن تفتتح نهاية العام الحالي «دار وفاق» جديدة لإيواء المعنفات من كل الجنسيات في محافظة إربد، بهدف توفير الخدمات للمحتاجات إلى الحماية والرعاية في محافظات الشمال. وكانت الوزارة تلقت تمويلاً من منظمة «يونيسيف» الدولية بعدما حصلت على دعم من الحكومة النروجية لإنشاء الدار العام الحالي، بقيمة 288 ألف دينار أردني للعام الأول، فيما تعهدت «يونيسيف» بدعم الدار في العام الثاني.