"الشقيقان التوأمان"... والتوأم الثالث!

تاريخياً، ومنذ حصول لبنان على الاستقلال، يُعرف البلد الصغير أنه الشقيق التوأم لسوريا. وعلى أساس الرجوع الى الشقيقة الكبرى في الشؤون والشجون التي تهمُّ البلدين.
أُخوَّة، على توأمة قريبة جداً من السياميَّة، تأكَّدت بحضورها وتأثيرها مع مرور الأيام والأحداث والعهود.
وكما يحصل عادة بين الأشقاء، من خلافات وزَعَل ومقاطعة، كذلك كان الحال بين الشقيقين والبلدين اللذين يضمّان "شعباً واحداً"، الى أن اكتشف اللبنانيون على حين غرَّة، أن ثمة توأماً ثالثاً لهذا البلد الذي يشبه قطعة سما، أو وطن النجوم...
أين، وكيف، وماذا، وإلا...
لم يطل الأمر بالأسئلة والسائلين، فتجلّت معالم "التوأم" الجديد، والمتمتّع بأهمية كبرى، بعد رسوخ حكم الجمهورية الاسلامية في ربوع الامبراطورية الإيرانيَّة السابقة، والتي احتلَّت في عهد الشاه محمد رضا بهلوي مرتبة الدولة الرابعة على وجه البسيطة. وبكل المواصفات التي جعلتها تستحقُّ هذه المكانة.
إذاً، لدينا ثلاثة توائم لا توأمان ملتصقان الى حدود "السياميّة". والى درجة أنَّ الخبراء والمطلعين والمخضرمين في الشرق والغرب باتوا يعتبرون أنَّ التوأم الثالث هو المرجعيَّة الأولى في القضايا الأساسيَّة والدولية، وفي لبنان يمثّله "حزب الله".
من هنا، من هذه "التوأمة"، تمكَّن التحالف الإيراني السوري من إذابة دور لبنان، واستقلال موقفه، وإدخاله ملكوت المشروع السياسي الواسع النطاق والذي يمرُّ بالعراق بطبيعة الحال.
هل هي الصورة الشمسيّة الواضحة لواقع الحال لبنانيّاً، سياسيّاً، حكوميّاً، أمنيّاً، اقتصاديّاً، سياحيّاً... وحتى مناخيّاً!
على هذا الأساس، وبقناعة تامة من ذوي الألباب والعقلاء والمجرّبين في الربوع اللبنانيّة التي كانت خضراء، أن التطلّع صوب "الربيع العربي" المنحوس الذكر... وباعتبار مصر "الربيعيّة" الخارجة من صمت نصف قرن هي أم الدنيا، وأم العرب، وقدوتهم من قديم الدهور، ومن زمن جمال عبدالناصر ساحر الجماهير من باب الشرق الأوسط الى محرابه.
بالطبع، لا أوهام عادية أو مركَّبَة في هذا الصدد الآن، ومن المنظار اللبناني المحصور بين مثلثين متساويين تصل بينهما زاوية غير متساوية، وغير فاعلة، تدعى لبنان لا استطاع أن يكون يوماً واحداً وطناً حقيقيّاً. ولا يستطيع في هذه الحقبة الحرجة الجهنميَّة أن يؤلِّف حكومة تحرّك هذا الجبل من الركود والتعطيل والشلل الذي لم يعرف أحفاد الفينيقيين شبيهاً له.
إلا أن مصر ليست لبنان طبعاً، ولا هي أيّة دولة عربيّة أخرى. لذا تجد أنظار أوروبا وآسيا والشرق الأوسط متجهة بكل اهتمامها صوب أرض الكنانة، متعجبة من الموقف المريب جداً للرئيس الأميركي باراك أوباما وإدارته... وتلك الإدارة "الخفية".
ليس من باب تفسير الماء بالماء بعد الجهد والتعب، إنما للفت أولئك الراقصين على فتافيت الزجاج وفتافيت الوطن.
( النهار اللبنانية 2013-10-19 )