داعش .. والغبراء!

تم نشره الأحد 20 تشرين الأوّل / أكتوبر 2013 12:21 صباحاً
داعش .. والغبراء!
خيري منصور

ما يغري بهذا الاقتران بين داعش والغبراء ليس إيقاع الكلمتين أو ما يسمى المتتاليات النفسية، بل هو ما تعنيه كلمة أغبر أو غبراء باللهجة العراقية، فهي صفة سلبية إذا أطلقت على إنسان أو مشهد، لهذا فالغبراء العراقية ليست فرسا من الجاهلية، كما أن داغش ليس ذلك الجواد الذي تسبب سباقه مع غبراء بحرب بين قبيلتين. وحقيقة الأمر أن كثيرا من حروب العرب الحديثة والبينيّ منها بالتحديد لا يختلف عن حرب البسوس وبالتالي عن داحس والغبراء.

الاسم الحركي لدولة الاسلام أو بمعنى أدق إمارته في دمشق وبغداد، هو من بين مئات الأطراف التي تخوض حربا منذ فترة في سورية، وليس هدفنا في هذا السياق تقييم أو حتى قراءة مثل هذه الأطراف، لأن لكل طرف منها ليلاه التي يغني لها وربما يغني عليها.

وإذا احتكمنا إلى ما تعنيه الغبراء باللهجة العراقية فإن هذا الوصف يمكن إطلاقه على أوطان امتص الخريف حتى نخاعها، وتحولت الى هشيم لهذا فهي ليست فرسا أو حتى حصانا خشبيا من طراز ذلك الحصان الطروادي الشهير.

إن من قتلوا بالسيوف والرماح في حرب البسوس أقل من واحد بالألف أو المليون ممن قتلوا في البسوس الحديثة، وقد تكون حكاية تلك العجوز ذات معنى إذا قورنت بحكايات عصرنا، وحروب الإخوة الأعداء، فثمة من يحاربون بعضهم من أجل كيلومتر على الحدود، ليفاجأوا بأنهم خسروا مساحة الوطن كله عندما استثمر الغزاة هذا الصراع بين ذوي القربى، والمفارقة هي أن العربي المعاصر أصبح حاتم الطائي قدر تعلق الكرم بالأعداء، لكنه أنجل من كل من تحدث عنهم الجاحظ عندما يتعلق الأمر بذوي القربى، وتلك دراما طويلة وموجعة لها مقام آخر!

لقد أصبح اسم داحس لدبابة أو قنبلة أو صاروخ وليس لحصان، كما ان اسم الغبراء أصبح لبلاد وعباد اشتبكت حتى اصابعهم واصبحت اليد اليمنى عدواً لتوأمها الأيسر أو الأعسر لا فرق!

ان المفارقة هي استخدام مصطلحات سياسية حديثة ومن معجم هذا العصر في سياقات بدائية تنتمي الى حقبة ما قبل الدولة، فالمسألة ليست في تطور أدوات القتال أو تكنولوجيا الارتهان والاختطاف والتعذيب، ما دام الواقع غريزياً وبدائياً وتحركه عوامل لا صلة لها بالهوية الوطنية الأم.

انتهت حرب البسوس الحديثة بملايين القتلى والمشردين والمعوقين، أما حروب داحس أو «داعش والغبراء» فلا تلوح لها نهاية، لأن الأجساد تقيم في هذا القرن والعقل لم يغادر طفولته!

( الدستور 2013-10-20 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات