النفط المعوّق

ليس على لبنان سوى التطلع الى محيطه، ليرتاح. فمعاناته لا تُقاس بما تعانيه دول المنطقة، حيث الغليان على نار الثورات الشعبية مفتوح الافق. لبنان سيحقق نموا هذه السنة. ومهما انخفضت معدلاته المتقلبة على وقع التطورات، سيبقى ايجابيا وقد يتجاوز الـ2 في المئة وفق توقعات الماليين.
ليس هنا بيت القصيد. فالاقتصاد المتباطئ تدريجا وبحسب القطاعات، مهدد بفقد مقوماته الطبيعية التي أبقته صامدا رغم الرياح العاتية... والفضل لخلافات اهل السياسة على اجناس الملائكة بعيدا من واقع لا يراعي ما ستؤول اليه الاوضاع ان بقيت على حالها من السوء. فالكل ينتظر ولادة الحكومة الجديدة، وهي طبخة يقال انها لم تنضج بعد رغم تعاظم الأخطار المحدقة بالبلاد، في السياسة والامن كما في الاقتصاد. حتى صورة لبنان في المحافل الدولية تتعرض لممارسات غير مسؤولة من دون سؤال عن التداعيات. قضية مساعدة لبنان على تحمل كلفة لجوء نحو 1,5 مليون سوري ليست سوى بداية لممارسات يمكن توقع نهاياتها غير السعيدة. فالمجتمع الدولي اشترط المساعدة بتهذيب: وجود حكومة جديدة تحكم أفضل من انشطار السلطة التنفيذية بين تصريف اعمال وتكليف لم يكتمل عقده لائحة وزارية جديدة.
على هذا المشهد، تشهد مؤشرات الاقتصاد. فالقطاعات شبه مشلولة، باستثناء من استطاع الافادة من ازمة سوريا، سواء على صعيد فتح قنوات تصدير جديدة او على صعيد استهلاك السلة الغذائية الاساسية. وثمة قطاعات ناشئة لم تشهد ولادة، ومنها الاكثر التصاقا باجيال المستقبل. قطاع النفط المعوّق بقدرة السياسيين رغم ما يمكن ان يعد به من آمال يمكن الرهان عليها للنهوض، وآخرها اكتشاف جديد قبالة جبل لبنان. فهل من موجب للسؤال عن مصير شركات النفط العالمية؟
كوقع الصاعقة، نزل خبر انسحاب ثلاث شركات نفط عالمية من مناقصة لا تزال السياسة تأسرها بحساباتها الضيقة. صيد ثمين لبعض المشككين بالاداء رغم ان الخبر بقي في اطار "معلومات" لم تؤكدها او تنفها اتصالات شركة "شل" العالمية بـ"النهار". وربما اريد الاشارة الى الشركة بالاسم لغايات في نفوس يعاقبة. لكن، هل ثمة مفاجاة غير سارة ما دام لبنان هو الذي يتحكم بالقيادة؟
فالمرسومان معلّقان، والسبب تعذر انعقاد جلسة حكومة تصريف اعمال... وشركات النفط تحار في الوقت الضائع، وتبقى غير قادرة على متابعة المطلوب منها وهي حائرة ايضا في مصير استثمار راهنت عليه ولم تشأ التصديق بأن المسببات المحلية تضيّق الخناق على مستثمرين يتعطش لبنان اليهم ليفيد من ثرواته المختزنة في باطن المياه.
هو واقع صحيح. لكن، الا يعكس جنى السياسيين؟
( النهار اللبنانية 2013-10-21 )